كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 3)

فلا يلزم (¬١). وإن لم يكن داخلًا فيه (¬٢) كالحكم بشهادة شاهد واحد، فإنه لا يدخل في الحكم بشهادة شاهدين - فالتحريم قد ثبت فيه بطريق الأَوْلى، والإيجاب والإباحة لا يلزمان (¬٣). قال: "فثبت أنَّ قَصْر الحكم على العدد لا يدل على نفيه عما زاد أو نقص إلا بدليل منفصل" (¬٤).
ومِنْ حُجَج القائلين بهذا المفهوم أنَّه لما نزل قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (¬٥) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والله لأزيدن على السبعين" (¬٦) فقد فهم سيدُ العرب العرباء من الآية: أن حكم ما زاد على
---------------
= وفي (ك) بعد قوله: "جلد مائة": "على الزاني مثلًا يقتضي وحوب خمسين لامتناع الإتيان بالكل دون الإتيان بالجزء، ولا يقتضي وجوب مائتين".
(¬١) يعني: لو حَرَّم جلد مائة، فلا يلزم منه تحريم جلد تسعين مثلًا، فقد تكون محرمة، وقد لا تكون.
(¬٢) يعني: وإن لم يكن الناقص داخلًا في العدد.
(¬٣) يعني: الحكم بشهادة الشاهد الواحد غير داخل في الحكم بشهادة الشاهدين؛ لأن الحكم بشهادة الشاهدين لا يتحقق إلا بالشاهدين، فشهادة الشاهد الواحد لا تحقق جزءًا من الحكم، فإذا كان الحكم بشهادة الشاهدين محرمة، فالحكم بشهادة الشاهد الواحد محرمة من باب أولى. وإذا كان الحكم بشهادة الشاهدين واجبة أو مباحة فلا يدل هذا على أن الحكم بشهادة الشاهد الواحد واجبة أو مباحة.
(¬٤) انظر: المحصول ١/ ق ٢/ ٢٢١. وقد وافق الآمدي الإمام فيما ذهب إليه، وقال بعد تفصيلٍ لما رجَّحه. بمثل ما قال الإمام: "والمختار فيما كان مسكوتًا عنه، ولم يكن الحكم فيه ثابتًا بطريق الأولى من هذه الصور: أنَّ تخصيص الحكم بالعدد لا يدل على انتفاء الحكم فيه؛ لما ذكرناه في المسائل المتقدمة". الإحكام ٣/ ٩٤.
(¬٥) سورة التوبة: الآية ٨٠.
(¬٦) لم أقف على هذا اللفظ. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن رسول الله =

الصفحة 974