كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)

لمطلق اللفظ الدال على الطلب، لا للفظ العربي الدال على الطلب، بدليل أن الفارسي إذا طلب مِنْ عبده شيئًا بلغته يسميه العربي أمرًا، وأنه لو حلف (لا يأمر) (¬١) فأمر بالفارسية حَنِث". فقال: "الحق إنه اسم لمطلق اللفظ الدال على الطلب المانع من النقيض، لا لمطلق اللفظ الدال على مطلق الطلب" قال: "وذلك إنما يظهر ببيان أن الأمر للوجوب" (¬٢) وهذا ماشٍ على ما اقتضته طريقته من أن لفظ الأمر هو صيغة افعل، والتحقيق أنهما مسألتان كما سبق (¬٣) ومما يدل عليه ذهاب الجمهور ومنهم
---------------
(¬١) في (ت): "أن لا يأمر".
(¬٢) انظر: المحصول ١/ ق ٢/ ٤٠، ٤١.
(¬٣) أي: معنى لفظ الأمر، غير معنى صيغة "افعل". فلفظ الأمر: هو القول الطالب للفعل، أي: هو لفظٌ يفيد الطلب بصيغة "افعل" سواء كانت للإيجاب أم للندب. ومعنى صيغة "افعل" هو الوجوب أو الندب أو غيرهما على الخلاف بين العلماء. فنسمي المندوب مأمورًا به حقيقة كالواجب؛ لأنه يصدق عليهما لفظ الأمر وهو صيغة "افعل". أما أن هذه الصيغة حقيقة في الوجوب أو غيره، فهذا غير معنى لفظ الأمر. قال الإسنوى رحمه الله تعالى: "وقد زاد في المحصول قيدًا آخر فقال قبل المسألة الثالثة: إن الحق في حَدِّه أن يقال: هو اللفظ الدال على الطلب المانع من النقيض؛ لا سيأتي أن الأمر حقيقة في الوجوب، وتبعه عليه صاحب الحاصل وغيره، والصواب ما قاله المصنف، فإن الذي سيأتي أنه حقيقة في الوجوب إنما هو صيغة "افعل"، وكلامنا الآن في لفظ الأمر، فهما مسألتان". نهاية السول ٢/ ٢٣٤، ٢٣٥. والمسألة فيها خلاف هل معنى لفظ الأمر هو معنى صيغة "افعل" أوْ لا؟ فذهب قوم إلى أن لفظ الأمر حقيقة في الإيجاب، كصيغة "افعل"، وعلى هذا فلا يسمى المندوب مأمورًا به حقيقة، وإلى هذا ذهب الإمام - كما ذكر الشارح - والكرخي من الحنفية، بل هو مذهب كثير من الحنفية كما ذكر المطيعي. وذهب قوم إلى أن معنى لفظ =

الصفحة 992