السلعة وعُدِمت عينها فإنه يكون لربها الأكثرُ من الثمن الذي أتى به، أو قيمتُها.
وإن فاتت بتغير سوقها، أو ذاتها، ففي المذهب قولان: هل لصاحبها استرجاعها، وفسخ البيع فيها، كما له أن يسترجع سلعته من يد غاصب لها، وأن تغيرت ذاتها وأسواقها. أو يمضي ذلك ولا يكون له أخذ عينها بل له الأكثر من الثمن أو القيمة؛ لأنه ليس كالغاصب. والمتعدي فيما فعل من البيع من نفسه، لأجل ما في ذلك من الشبهة والتأويل. وقد ذكر في كتاب القراض من المدونة، فيمن اشترى سلعة بدنانير، ثم بعد شرائها ذهب لرجل أخذ منه مالًا قراضًا، وأراد أن ينقده في تلك السلعة التي اشتراها: إنه يُنهى عن ذلك؛ لأنه يُخاف أن يكون استقلالها (¬1) بعد اشترائها، فأراد أن يصرف ما وقع من غبن فيها إلى مال القراض. وهذا إشارة منه إلى أنه ليس كالمعزول عن البيع من نفسه، ولا كالغاصب الذي لا تأويل له ولا شبهة؛ لأنه إنما علل بتهمته فيما فعل، فإذا ارتفعت التهمة مضى فعله، على مقتضى ما حكيناه عن القاضي أبي محمَّد عبد الوهاب. وقال أيضًا غير ابن القاسم في كتاب القراض: كل من وكِّل على بيع فباعه من نفسه، وأعتق العبد الذي اشتراه من نفسه، فإن عتقه مردود، إلاَّ المقارض إذا (¬2) كان له فيما أعتق شركة من ناحية الربح، فلم ير عتق الوكيل الذي اشترى من نفسه ماضيًا ولا أمضى العتق بحِرمته، بل جعله كالغاصب يعتق ما غصب، فإن عتقه غي رنا فذ إذا رده مالك العبد. ولو أراد مالك العبد إلزام الغاصب قيمة العبد، لأجل عتقه إياه، فإن ابن شعبان ذكر في هذا قولين: أحدهما أن ذلك ليس من حقه، لكون العبد لم يتغير في نفسه ولا سوقه، ولم يُحدث الغاصب سوى كلام لا تأثير له في عين العبد المغصوب.
والقول الآخر أن ذلك من حقه، وما هذا إلا أنه قدر أن الغاصب لما أعتقه فكأنه التزم قيمته لربه، فلرب العبد أن يطلبه بما التزم.
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: استغلاها.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: إذ.