وذكر ابن حبيب أن الوكيل على بيع سلعة فاشتراها وباعها بربح، أن الربح للموكِّل، وكذلك الوصي إذا اشترى لنفسه من مال الأيتام الذين في ولأنه شيئًا وباعه بربح، فإن الربح لهم. وهذا الذي ذكره قد يهجس في النفس أنه أمضى شراءه من نفسه، فلهذا لم يقل: إن للموكل أن ينقض ما فعل، ويشتري ما باعه الوكيل بعد أن اشتراه لنفسه. لكن يمكن أن يكون إنما لم يقل ذلك لأنه رأى أن بيعه من نفسه غير واقع ولا لازم وهو كالعدم، فبيعه بعد ذلك نافذ بحكم ما تقدم من وكالة رب السلعة، ولم تعتبر نيته وقصده فيما باع أنه إنما باعه على ملك نفسه لا على ملك من وكله.
فأنت ترى هذا الاضطراب المشعر بما ذكرناه من رد المسألة إلى كون الوكيل معزولًا عن البيع من نفسمعتى يكون متعديًا في ذلك إن فعل، أو ليس كالمعزول لأجل تأويله، وللشبهة التي يتعلق بها في هذا من الإذن له في البيع عمومًا، مع كون الموكل إنما غَرَضُه تحصيل الثمن لا النظر في أعيان من يشتري سلعته. وإذا كان البيع وقع عن ملك أو شبهة الملك نُفِّذ كما ينفذ بيع من اشترى سلعة شراء فاسدًا ثم باعها بيعًا صحيحًا، على ما سيرد بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.
وأما بيعه مِمن تتطرق التهمة إليه في البيع منه، كبيعه من ولده الصغير الذي في ولايته أو يتيم في ولايته، فإنه منع ذلك في المدونة، ورأى ذلك يتنزل منزلة نفسه في تطرق التهمة إليه، وأجاز ذلك سحنون لما كانت العهدة في مال ابنه ويتيمه لا في مال نفسه، فلم يمنع من ذلك كما لم يمنع من بيعه من ولده الكبير ومن زوجته. والنكتة التي تعتبر في هذا ما قدمناه من تطرق التهمة إليه وقربها منه أو بعدها عنه. هذا سبب الاضطراب في بيع الوكيل ممن في ولايته.
والجواب عن السؤال الخامس أن يقال:
اعلم أن هذا السؤال جوابه يدور على ما قدمناه من اعتبار ما صرح به الموكّل، أو قام مقام التصريح بدلالة قرائن الأحوال أو العادة. فإنا نقيد مطلق