الذي أغرمناه إياه، لكونه حرمه له (¬1) ومنعه حقه. فالمعتبر عنده في هذا المعنى أن يكون الوكيل أمر ببيع عرض بمكيل أو موزون نقدًا فخالف في ذلك.
وإنما يشترط كون المبيع المتعدَّى فيه عرضًا لما قدمناه من أنه لو كان مكيلًا أو موزونًا لكان تضمين الوكيل مثله يصيِّر عينه كأنها لم تذهب لكون مثله يسد مسده، والعرض لا يقضى بمثله ولا قيمة مثلٍ له فيسد مسده، فوجب لأجل هذا اعتبار كون المبيع الذي وكِّل الوكيلُ على بيعه عرضًا لا مكيلًا وموزونًا.
وكذلك اعتبر أن يرسم له ببيعه بمكيل أو موزون محدود المبلغ دون أن يرسم له أن يبيعه بعرض لأجل ما قدمناه من تفرقة ابن القاسم التي بسطنا بيانها.
وبعض الأشياخ يتعقب هذا ويرى أنه ينبغي أن يُلزِمه قيمة العرض الذي حدّ له أن يبيع به لأنه حرمه إياه ومنعه منه بإتلافٍ، فوجب أن يضمن قيمته. وقد ذكر في المدونة أنه إذا أمره أن يبيع سلعة بعشرين دينارًا إلى أجل، فباعها بأقل من ذلك نقدًا، أن الوكيل يضمن قيمة تلك السلعة. وهذا لكون الثمن المرسوم ها هنا مكيلًا أو موزونًا مؤجلًا، ونحن قد أخبرنا أنه يعتبر في إغرام الوكيل إياه كونُه مأمورًا أن يبيع به نقدًا. ورأى هؤلاء المتعقبون أنه ينبغي أن تلزمه هذه الدنانير المؤجلة التي حد له البيع بهلالكونه أتلفها عليه، ومنعه منها بتعديه على سلعته، طردًا لما قاله في مخالفة الوكيل المأمور بأن يبيع السلعة بقمح نقدًا فباعها بدنانير؛ لأن جميع هذه الأنواع يتصور فيها حرمان الموكل ما سمَّى ورسم أن تباع به سلعته، لكن ينبغي إن سلك في هذا طريقة أخرى فينظر في هذا الذي سماه الموكل، فإن كان مما لا يتأتى البيع به غالبًالأولا يمكن أن يحصل له في سلعته، فإن الوكيل لا يغرمه لأجل تسميته لأنه سمّى له ما لا يصح له، كمن أمره أن يبيع سلعة، قيمتها مائة، بألف، فإنه لا يحسن ها هنا أن يقال يضمن الوكيل له ألف دينار، لأجل أنه قد سمّى له البيع بها، فكذلك إذا أمره أن يبيع سلعته بعرض لا يباع به غالبًالأولا يتأتى البيع به في غالب الأمر، فإنه لا
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: منه.