الذمم. وأما اعتبار أخذ قيمة الرهن على رأس المال على أحد القولين المقدم ذكرهما، فإنا لَوْ فرضنا أن هذا الثوب يقوّم بالدراهم لا بالدنانير، وقيمته أكثر من مقدار رأس السلم، فإن ذلك لا يجوز على مذهب ابن ميسر، كما لا يجوز لمن أسلم دنانير في سلعة أن يقيل منها على دنانير هي أكثر من رأس المال، لأجل كونهما يتهمان على سلف بزيادة، بأن يدفع دنانير ويأخذ بعد حين أكثر منها.
وهذا القول غير مرضيّ عند بعض أشياخنا. وقد أشار ابن المواز إلى ما يقتضي ضعف هذا الاعتبار وإن كان أوردهُ في غير هذا السؤال، وذكر أنه لا يخلو أن يكون من بيده الرهن قد علم الله سبحانه صدقه في الضياع فلا تجب عليه غرامة حتى يعتبر ما يحل ويحرم في هذه الغرامة، وإن كان كذب فعين الرهن باقية نفسها، ينظر هل تجوز المعاوضة بها أم لا؟ ومعنى النظر في قيمتها (¬1). وأما اعتبار قيمتها في المعاوضة عن المسلم فيه، على حسب ما حكيناه عن المذهب، فإنما ذلك لأجل أن المسلم فيه دين مستقر في الذمة سبق استقراره المعاوضةَ والمشاركة، فتجري المشاركة فيه مجرى المبايعة، ومن باع دينًا له في ذمة آخر نظر في العوض الذي يأخذ عنه هل يجوز أن يؤخذ عنه عوض أم لا؟ والذي بيده الرهن مقر على نفسه أن المعاوضة إنما كانت منه على القيمة الواجبة عليه.
وإن كان السلم في طعام وأخذ به ثوبًا رهنًا، فادعى المرتهن ضياعه، لم تجز المعاوضة لإمكان أن يكون الرهن باقيًا لم يذهب فيكون أخذه عوضًا عن الطعام الذي في الذمة بيعًا. وإن كان قد ذهب. ووجبت فيه القيمة وهي خلاف رأس المال فلا يجوز أيضًا لكون ذلك بيعًا للطعام قبل قبضه .. إن كانت مثل رأس المال لمنعا من ذلك، لجواز أن يكون كذب المرتهن في دعوى ضياعه، فيكون إقالة منهما على غير رأس المال. وهذا إذا كان الطعام من بيع. ولو كان من قرض لم يعتبر فيه هنا المعنى المعتبر في العروض، لكون بيع الطعام القرضِ جائزًا قبل قبضه.
¬__________
(¬1) هكذا.