كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 2)

يجوز فيما كان يقبض على الفور كالمعينات.
وكذلك لو باع رجل من رجل ثوبًا بدنانير إلى أجل معلوم ثم أراد رجل آخر شراء هذه الدنانير منه بدراهم، فإن ذلك لا يجوز، لكونه صرفا فيه تأخير، وبيع دنانير بدراهم ليست يدًا بيد. ونحن وإن اعتبرنا في هذه القاعدة كون الثمن ها هنا يجوز سلمه في المثمون فإنما يعتبر ذلك من ناحية الجنسية لا من ناحية الأجل، فإن الأجل معتبر في صحة السلم، على ما تقدم بيانه في كتاب السلم الأول، وها هنا لا يعتبر الأجل ولو وقع الشراء لقرب حلول أجل السلم أو عند حلوله لم يمنع ذلك؛ لأنه مشترًى قد حصل في الذمة، وحصوله في الذمة دين لم يقع عليه بهذا العقد الثاني، وإنما وقع بالعقد الأول، والعقد الأول هو الذي يراعى فيه حصول الارتفاق بضرب الآجال كما تقدم بيانه في موضعه وأمّا إذا حصل السلم دينًا في الذمة جرى بيعه مجرى المعيَّنات التي لا يشترط في صحة عقدها ضرب الأجل. فهذا مثال الوجه الأول، وهو اعتبار جواز السلم في المثمون ها هنا.
وأما الوجه الثاني وهو اعتبار ارتفاع الغرر، فإن الغرر يتصور ها هنا في كون هذا الجميع مترددًا بين الحصول والانتفاء، فيقتضي هذا اعتبار معرفة ذمة الغريم المبيع ما عليه من دين هل هو مليء الذمة أو فقير؛ لأنه إن كان مليئًا بدين فإنه يفي بما عليه تصورت الرغبة في شراء ما عليه، وإن كان فقيرًا لا يرجى أخذ ما عليه لم يُقدم أحد على شراء ما عليه فاحتيج هذا إلى الاطلاع على مقدار ما في يديه على الجملة، حتى يقع العقد على صفة لا تخاطر فيها ولا غرر، وهذا يقتضي إمكان المعرفة بملائه من فقره، وهذا يمكن مع حضوره. وأما إن كان غائبًا بمكان بعيد فإن المعرفة بذلك لا تمكن للجهل بحال الغائب. ولو أتى من أخبر عنه بأنه غادره مليئًا، مكن أن يكون يتلف ما بيده أو يكثر عليه الديون حتى لا يحصّل المشترى (ما عليه شيء) (¬1) أو يحصل له ما لا يعرف مبلغه إذا
¬__________
(¬1) هكذا، ولعل الصواب: مِمّا عليه شيئًا.

الصفحة 128