كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 2)

هذا حكم شراء الديون إذا اشتراها من لا مطالبة عليه بها.
وأما إذا اشتراها من قد يطالب بها لِحَق كفالته وضمانه لها فإنه ذكر في المدونة، فيمن أسلم دنانير في ثياب إلى أجل وأخذ بها كفيلًا (¬1) وللكفيل شراؤها بما يحل له أن يشتري به إذا كان الذي عليه الدّين حاضرًا مقرًا. فأمّا اشتراط حضوره فإنه ثابت عند رواة المدونة.
وأما اشتراط إقراره فإن الرواة اختلفوا فيه: فأثبته العسال، وأسقطه غيره من الرواة. وذكر بعد هذا في المدونة في هذا الباب فيمن له على رجل دراهم أخذ بها كفيلًا، أنه يجوز للكفيل أن يشتريها لنفسه بقرض، ولم يشترط في هذه المسألة شرطًا كما اشترطه، في المسألة الأولى التي ذكرناها.
وكما اختلفت الرواة في لفظ الإقرار في المسألة الأولى المذكورة اختلف اختيار المتأخرين فيما صنعه الرواة من إسقاط لهذه اللفظة أو إثباتٍ، فكان أبو محمَّد اللؤلؤي وغيره يرى أنه لا حاجة إلى إثبات لفظة الإقرار لكون الكفيل ها هنا مطلوبًا بهذا (أبدا لدين الذي يكون) (¬2) الكفيل: إنّ من تكفلتُ عنه ظالم في جحوده كاذب في إنكاره. وإذا كان هذا الدين لا يسقط ملك بائعه عنه على حال، لم يعتبر ها هنا إقرار من هو عليه، بخلاف ما لو اشتراه من ليس بكفيل به لأن جحود من هو عليه لا يوجب مطالبة على مشتريه، فيصير المبيع ها هنا لا يوثق بحصوله ولا بكونه ملكًا للبائع، فلم يجز العقد إلا مع الإقرار بخلاف الكفيل: وهذا إذا وقعت الكفاله على وجه يوجب مطالبة الكفيل بالدين وإن جحده من هو عليه. وأما لو كانت كفالته به بعد معاقدة طالب الدين والمطلوب به والكفيلُ لا علم عنده يكون الطالب مستحقًا للطلب، فإن الكفيل ها هنا كغيره يشترط في صحة شرائه الإقرارُ لأن من حقه مطالبة من له الدين الذي تكفل به بإثبات دينه على من زعم أنه يستحقه عليه.
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: فللكفيل.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: الدين الذي يقول.

الصفحة 130