عروض، والعروض قد يتنازع فيها في صفتها ويكثر الخصام فيها، فلهذا اشترط الإقرار فيها. والمسألة الثانية إنما لم يشترط الإقرار فيها لكون المتكفل به دراهم، والدراهم لا يتنازع في صفتها فيعدل عن الغرر.
وهذه الطريقة ليست سديدة ولا واضحة، وقد تُحصر العروض حصرًا لا يقع فيها تنازع ولا خصام، وتشهد البينة بذلك، فلا يكون بينها وبين الدراهم فرق، وإنما للنظر مج الذي اعتبار الغريم القضاء فيبطل الدين المبيع إذا حكم بصحة القضاء ويصير كتجويز الجحود، أوْ لا يعتبر هذا لكون دعوى القضاء في دعوى (¬1) النادر، وما يندر لا يوجب في العقد غررًا ..
ومن الأشياخ من سلك طريقة أخرى وتوسط فيها بين هاتين الطريقتين، فرأى أن الأجل إذا كان لم يحل احتيج في شراء الكفيل إلى إقرار الغريم، لكون الكفيل لم يتوجه عليه طلب، وإذا حل الأجل لم يفتقر في شراء الكفيل إلى إقرار الغريم، لكون الطلب متوجهًا عليه. وبعضهم يتردد في هذا التفصيل ويقول: قد لا يطلب الحميل وإن حل الأجل، وإذا أمكن أن لا يطلب إذا حل الأجل صار ذلك كشرائه قبل حلول الأجل. وبعضهم يشير إلى أنّا إن قلنا بأحد قولي مالك من كون مستحق الدين مخيّرًا بين طلب الغريم أو الكفيل اتضح كون الكفيل كغريم اشترى ما عليه. وإن قلنا: إنه لا يطالب إلا بعد تقرُّر أخذ الدين ممن هو عليه، أمكن ها هنا أن يعتبر الإقرار ليطلع على ملائه من فقره لما ذكرناه من التجويز المتطرق إلى غريب غائب، وأيضًا فإن الطلب يتوجه على الكفيل في عينه. وأما مع حضوره وملائه ففيه الخلاف الذي ذكرناه. وقد قال ابن المواز أنه لا يفتقر (¬2) شراء الكفيل من شراء غيره إلا في وجه واحد وهو أن الكفيل لا يجوز له أن يشتري الدين الذي تكفل به إلا بما يجوز لمن هو عليه أن يشتريه.
فإذا أسلم رجل دنانير في ثياب فإن الغريم الذي عليه الثياب لا يجوز أن يقضي
¬__________
(¬1) هكذا، ولعل الصواب: حكم.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يفترق.