يلزم الغريم شراء الوكيل له بغير إذنه لكونه، عقد على جائز الأمر ما لم يوكله عليه. ولكن من عقد بيعًا على جائز الأمر كان الخيار في إمضاء العقد أو رده للمعقود عليه، ما لم يمنع مانع من إمضاء العقد لفساد العقد فيبقى النظر ها هنا في صحة عقد الكفيل، على أن الخيار للغريم في إمضاء العقد أو ردّه. فاعلم أنه لا يخلو أن يكون صالح الكفيل عن الغريم بجنس آخر خلاف ما على الغريم، هذا الذي صالح به إنما وقع عن دين ليس بعين دنانير أو دراهم، أو وقع الصلح عن دنانير أو دراهم ثبتت في ذمة، فصالح الكفيل عنها بما يقضى فيها بالمثل أو بما يقضى فيه بالقيمة. فأما إذا وقع الصلح عن دين في ذمة الغريم ليس بعين، فإن كل ما صالح به الكفيل من الأجناس المخالفة لما على الغريم فيه اختلاف: هل يمكن الغريم من الرضا بما عقده الوكيل عليه لكون ما عقده عليه جائزًا؟ أو لا يمكن من ذلك لكون ما عقده الكفيل وقع فاسدًا؟ فمنع من هذا العقد في كتاب السلم من المدونة وأجازه في كتاب الحمالة. وسبب هذا الاختلاف أنك قد علمت أن الشرع ورد بمنع العقود الواقعة على غرر وخطر، وسامح فيما طريقه المعروف والرفق والإحسان ما لم يسامح به فيما طريقه المكايسة والمتاجرة، كمنعه بيع المجهول وما لا يحاط به، وإجازته ما أعراه من تمر نخلة وإن اشتراه بخرص، على ما يرد بيانه في كتاب العراياة وما ذاك إلا لكون شراء العرايا المقصود به الرفق والإحسان" فخالف ما قصد به من العقود المكايسة والمغابنة.
وها هنا إذا تكفل الغريم بثياب في ذمة رجل ثم اشتراها من يستحقها بثياب مخالِفة أو بطعام أو حيوان أو دنانير ودراهم فإنك قد علمت أن هذه المعاوضة لا تلزم الغريم، وإذا كانت لا تلزمه، وله الخيار في إمضائها عليه وردها، (فقد صار الكفيل عوضًا) (¬1) لا يدري ما يأخذ عنه، إما الثياب التي على الغريم إن لم يرض بعقده عليه، أو مثل ما دفعه للكفيل إن كان له مثلٌ، فيكون
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين ولعل الصواب فقد صار للكفيل عوض.