كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 2)

عليه الدين من طلب الثمن فإنا مكنّاه من ذلك لأن الطعام الذي في ذمته لم يبرأ منه، وعليه أداؤه لمن له الدين إذا طلبه منه. وإذا كان باقيًا على ملكه أو في حكم الباقي على ملكه لم يمنع من قبض ثمن ما بيع عليه من ملكه بغير إذنه.
وأما إن قبضه هذا الحميل على جهة الاقتصار (¬1) وباعه فإنه لا مطالبة عليه بالثمن، لكونه إنما باع ما صار إلى ملكه، وهو المطلوب به بثمنه لا مقال فيه [لأنه لم يقبضه بوكالته، ولا لمن عليه الدين لأنه سلّمه إليه كقرض يكون له عليه يقضيه عنه لمن له الدين] (¬2). فإن طلب من له الدين الكفيل بالطعام فأخذه منه، فقد بريء هو والغريم. وإن طلب الغريم وأخذه منه (¬3)، ورجع الغريم على الحميل المقتضى منه ثمن ما أعطاه.
وأما إن كان الحميل قبض هذا برسالة ممن عليه الدين فإنّا ذكرنا أنه قد تعلق من الرجلين جميعًا من له الدين ومن عليه الدين، فطلب هذا الحميل المتعدي بمثل الطعام الذي باعه تعديًا، فإن اختار من له الدين أن يطالب بالطعام الكفيلَ بحق تعديه لا بحق الكفالة مُكّن من ذلك لما قدمناه من وجه تعلق حقه به. لكنه في المدونة ذكر أنه لا يمكّن من ذلك إن قبضه الحميل على غير جهة الاقتضاء، ولا ضمان عليه فيه. وأنكر يحيى بن عمر هذا الاشتراط، ورأى أنه إذا قبضه هذا الحميل على جهة الاقتضاء كان تمكين من له الدين من طلبه بما قبض أوضحَ من تمكينه من طلب به إذا قبضه على جهة الرسالة؛ لأنه إذا قبضه على جهة الاقتضاء فقد أخذه ملتزمًا براءة ذمة الغريم، واستقرار طلب من له الدين على ذمته، فذلك أحرى أن يمكن من له الدين من طلبه به إذا تعدى فباعه، لما صورناه من كون باعث الطعام ملكه لمن له الدين إن شاء، فلذلك أنكر يحيى بن عمر هذا الاشتراط، ورآه مُوَهّنا أن قبضه على جهة الاقتضاء يمنع من تمكين رب الدين من طلبه به، فيكون هذا كعكس الأصول.
¬__________
(¬1) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: الاقتضاء.
(¬2) ما بين المعقوفين مثبت في (ش) فقط.
(¬3) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب حذف الواو.

الصفحة 144