كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 2)

يرجع فيه بالمثل ولو كان عرضًا.
ولو أدى عنه طعامًا هو عليه من سلم لجاز للكفيل أن يأخذ منه من الغريم إذا تراضيا بذلك، ولا يتهم في هذا، [لكونه إنما يأخذ ثمن طعام أقرضه الغريمَ، وبيع القرض قبل قبضه جائز. هذه المعاملة التي تراضيا عليها أمر حادث بعد القرض، فلا يتهمان في هذا] (¬1) بخلاف اتهامهما في معاملة الكفيل لمن له الدين. لكنا ذكرنا عن ابن المواز أنه يمنع الكفيل من أن يشتري الثياب التي تكفل بها بدنانير أكثر من رأَس مالها أو بدراهم، وأحلّه في هذا محل الغريم التي هي عليه لما كان يتوجه لمن له الدين طلبُه بهذا الذي اشتراه، فصار كأنه هو الغريم، وقد قدمنا ما قيل في هذا. وكذلك لو تكفل بثمن طعام عمن اشتراه فأدىَ الثمن عنه، فإنه يجوز له أن يأخذ عن ذلك الطعام ثمنًا، لما كان، قبل هذا، معاملةٌ بينه وبين من يحمل عنه حادثة بعد أن أقرضه الثمن الذي أدى عنه على حسب ما قدمناه.
ولو اشترى الكفيل ألف درهم من رجل تكفل له بها مائة درهم واشترى ذلك لنفسه فإن ذلك لا يحل لكونه بيع دراهم بدراهم متفاضلة نساء. لكن إذا نقضنا هذه المعاملة بينهما وألفينا الكفيل عليه ديون استدانها بعد الكفاله، فهل يكون من له الدين أحق بما قبض من الكفيل من غير بابه، ويرد ذلك إليهم، ويحاصّهم بما توجه له على الكفيل؟ حاول بعض الأشياخ أن يجري هذا على الخلاف فيمن اشترى سلعة شراءً فاسدًا ونقد ثمنها ففسخ، وطلب الثمن فألفى على قابضه غُرَماء، فإن ابن القاسم لا يراه أحق بالسلعة دونهم، لكون الشرع نقض بيعه، وأمره بإزالة يده عنها، فكأنه لم يَحُزها دونهم. ورأى عبد الملك ابن الماجشون أنه أحق بالسلعة حتى يقبض ثمنها الذي دفع، لما كانت له شبهة في هذه السلعة المقبوضة، لكونها إن حال سوقها أقرّت في يده، ولكونه ضامنًا لها.
¬__________
(¬1) ما بين المعقّفين ساقط من (و)، (م).

الصفحة 147