كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 2)

وأشار بعض الحذاق إلى أنه لا خلاف في مسألة الحميل، لكونه دفع دفعًا فاسدًا يجب نقضه عن دين مستقر في الذمة، فكأنهما أمران لا علاقة لأحدهما بالآخر. ولو تحمل الكفيل لمن أسلم في طعام رأس المال خاصة، لاعتُبر هذا هل أراد به أنه مَن طلبه بالضمان أعطاه رأس المال وانحلّ العقد، أو يعطيه رأس المال يشتري به من الطعام السلم ما بلغ فيه رأس المال. فإن كان المراد بضمان رأس المال أنه ينتقض السلم إذا طلب الخميل ويعطيه رأس المال، فإن هذا يفسد العقد إذا وقع عليه، لكونه تارة بيعًا إن لم يطلبه بالضمان، وتارة سلفًا إن طلب به. ولو كان هذا بعد النقد لم ينفسخ العقد وفسخت الحمالة خاصة. وإذا كان هذا مقارنًا للعقد وأفسد الحمالة، فهل يطالب الحميل أم لا؟ هذا جارٍ على ما يرد بيانه في كتاب الحمالة إن شاء الله من اختلاف ابن القاسم وغيره في الحمالة الفاسدة إذا قارنت العقد هل يطلب الحميل بما ضمن لكون ضمانها هو سببًا لدفع رأس المال أو لا يطلب بذلك؟ فعند ابن القاسم لا يطلب، وعند غيره يطلب بما أتلف، على ما سيرد بسطه في موضعه إن شاء الله. وأما لو كان المراد يتحمل برأس المال ليشتري به من له الدين من الطعام ما بلغ إليه ما دفعه الحميل ويبقى بقية الطعام في ذمة الغريم، فإن هذا يجوز إذا كان بعد العقد.
وأما إن كان (¬1) العقد فإنه حاول بعض الأشياخ أخرى (¬2)، ورأى أن الحمالة ها هنا بأمر معلوم لا غرر فيه، وإنما يجهل ما يشتري من الطعام المسلم فيه، فلا وجه لمنع هذه الحمالة، وأجراها على الخلاف، كما لا يمنع أن يرتهن رهنًا بما أسلم فيه وإن كان لا يعلم هل بقي ثمن الرهن إذا بيع المسلم فيه لتغير أسواقه أو لتغير عينه أشد مما يرقب من اختلاف سعر الطعام المضمون ثمنه مقدار رأس المال.
¬__________
(¬1) نقص في الأصل ولعل الصواب وإن كان بعد.
(¬2) هكذا.

الصفحة 148