اعلم أنا كنا قدمنا في كتاب السلم الأول نكتةً معتبرة في المعاوضة عن السلم. وهذا الفصل ملحق بها ويجري فيه بعض ما قدمناه من تلك النتكة.
فإذا أسلم دنانير في ثوب إلى أجل فعلوم، فلما حل الأجل أراد من له السلم أن يزيد دينارًا لتغير (¬1) السلم فيأخذ عنه صنفًا آخر عما أسلف فيه، أو الصنف بعينه ولكن صفة مختلفة أو متفقة. فأما إذا أراد أن يُعَاوِضَ على تبديل الصنف، بأن يعطيه لما حل الأجل عوض الثوب طعامًا أو حيوانًا، فإن ذلك جائز، جريًا على ما أصلناه في كتاب السلم الأول من كون الطعام أو الحيوان يحوز أن تسلم فيه الدنانير التي هي رأس المال، وأن يؤخذ ذلك عوضًا عن الثوب المسلم فيه، على حسب ما قدمناه من اعتبار هذين الوجهين.
ولكن من شرط هذا تعجيل المأخوذ عن السلم، وأن يتناجزا فيه ولا يتأخر قبضه لئلا يكون تأخير قبضه معاقدة على فسخ دين في دين.
ولو أراد أن يأخذ عن السلم ما هو من صنفه وقد حل الأجل لجاز ذلك أيضًا، ويعتبر فيه ما اعتبرناه فيه إذا أخذ فيه من غير صنفه من تعجيل وجواز المعاوضة به عن رأس مال السلم وعن المسلم فيه لكن إن تأخر العوض عن السلم، وهو من غير صنف السلم، كان دينًا بدين، وإن تأخر، وهو من صنفه، لكنه أزيد مقدارًا منه، كمن أسلم في ثوب شطاط عشرين ذراعًا، فإن هذا إن
¬__________
(¬1) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: لتغيير.