كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 2)

هذه المعاوضة الثانية بيع دين بدين. ولكن يعتبر ابن القاسم في هذا ما يعتبر في أصل السلم من تعجيل رأس المال، ولهذا قال في المدونة: يجوز ذلك لأنهما صنفان.
والمعتبر أيضًا أن تكون المعاوضة الثانية إلى أجل من آجال السلم، فإن كان يبقى من أجَل السلم الأول مثل ما يجوز عقد السلم إليه، جازت هذه المعاوضة الثانية.
ويعتبر أيضًا ألاّ يقدّم المسلم الأول عن أجله ولا يؤخر؛ لأن تقديمه على أجله أو تأخيره عنه يتضمن كون هذه المعاوضة بيعًا وسلفًا لأن الدينار المزيد في رأس المال عوض الذراع المزيد في الثوب إذا تعاقدا فيها على تقديم مثل الأجل أو تأخير صار ما وقع من زيادة تبايعًا قارنه سلف وهو التعجيل أو التأخير. وقد أشير إلى الانتصار لمذهب سحنون في منع المعاوضة على زيادة في الطول، بأن ابن القاسم منع من ذلك إذا وقعت المعاوضة بعد طول الأجل مع تأخير الثوب المسلم فيه، وقدّر ذلك يكون البائع باع ثوبًا ودرهمًا بثوب أطول منه من غير تناجز. وهذا يتصور إذا وقعت هذه المعاوضة قبل الأجل. ويفيد أيضًا أن من له السلم باع ثوبًا مقداره أحد وعشرون بشرط التأخير. واعتذر عن هذا الذي تناقض به ابن القاسم بأن الأجل إذا حل فقد ملك من له السلم تعجيله، فإذا عاوض معاوضة فيها تأخير تحقق تصور البيع والسلف، لكون ما يقدر سلفًا فقد ملك تعجيله فأخره. وإذا لم يحل الأجل لم يملك تعجيل السلم فيه، ولا يقدر أنه باعه وهو لا يملك قبضه ولا تعجيله. لكن إن تحقق أن الزيادة في مقدار الأذرع بغير (¬1) ثمن الثوب الذي تعاقدا عليه على غير نسبة زيادة الأذرع حسن ما قاله سحنون، وأن يلحق بالدين بالدين. وإن لم تغير هذه الزيادة ثمن الأذرع الذي تعاقدا عليها أوَّلًا حسن ما قاله ابن القاسم، وكان المعقود عليه أَوَّلًا لم يتحول. وهكذا يحسّن ابن القاسم مثل هذا في الإجارة، مثل أن يستأجره على
¬__________
(¬1) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: تُغيّر.

الصفحة 151