أن ينسج له أذرعًا معلومة، فزاده شيئًا على أن يزيده غزلًا يزيد به أذرعًا؛ لأنهما صفقتان. وسحنون يوافقه في الإجارة، ويعتل بأنها معاقدة على شيء بعينه، بخلاف السلم المضمون. وسنتكلم نحن في كتاب الإجارة إن شاء الله تعالى على تحويل الإجارة المضمونة في الذمة من عمل صنف إلى عمل جنس خلافه أنه منع، ولو كان غير مضمون لاختلف فيه اختلافًا نبينه في موضعه إن شاء الله.
هذا حكم تحويل السلم بزيادة في رأس المال.
وأما تحويله بانتقاص في رأس المال على معنى الإقالة مثل أن يسلم إليه في مائة ثوب مائة دينار فيقيله من خمسين ثوبًا على أن يرد له خمسين دينارًا، فإن هذا لا يجوز إذا كان رأس المال مما لا يعرف بعينه، وغاب عليه قابضه لأنه يقدر أن ما ردّ من رأس المال إنما أبطنا قبضه على جهة السلف، وما لم يتقايلا فيه هو الذي أبطنا البيع فيه، فيكونان تعاقدا على بيع وسلف. وأجاز هذا أبو حنيفة والشافعي، وقدر أن الخمسين دينارًا والمعاقدة وقعت الإقالة عليها وعلى ما كان من المنفعة بها، فلم يمنعا ذلك. ونحن إذا قدرنا أن هذا كالمشترط في أصل العقد ظهر وجه. وأما لو كان رأس المال ها هنا مما يعرف بعينه وإن غيب عليه جازت الإقالة التي صورناها على الجملة، لارتفاع ما عللنا به من تقدير البيع والسلف، للعلم بأن رأس المال ثيابًا أو رقيقًا أو حيوانًا أو صوفًا، فأقال من بعضه، فإن ذلك جائز وقال فضل بن سلمة: قوله: "أو صوفًا" (¬1) هو يشير بهذا إلى أن الصوف لا يعرف بعينه بعد الغيبة عليه فهو كالدنانير. واعتذر بعض الأشياخ عن هذا بأنه يمكن أنه أراد الصوف المنسوج، والصوف المنسوج يعرف بعينه. وبالجملة فإن مثل هذا اللفظ يقع كأنه غير مقصود بيان الحكم فيه، وإنما هو كالتمثيل، فإذا وجد له تخريج لم يتعقب.
وأما لو كان تحويل المسلم فيه إنما وقع بزيادة في مقداره مع بقائه على صفاته من غير عوض يؤخذ عن ذلك، فإنه قد ذكر في المدونة جواز ذلك فيمن
¬__________
(¬1) كلمة غير واضحة في (و). محذوفة في (م)، (ش) والكلام مفهوم بدونه.