التأخير لأجل استغنائه عن ذلك يكون من له (¬1) الدين لم يجب عليه طلب لوقوع هذه المكارمة قبل الأجل معلقًا قبضها بالأجل.
وهذا الاعتذار يقتضي جواز هذه الهبة إذا عجلت قبل الأجل، لكونها وقت تعجيلها لم يجب على دافعها طلب.
وقد ذكر في كتاب ابن المواز اختلافًا فيمن له سلم مائة قفيز محمولة فسأل من عليه أن يحولها سمراء يأخذها عند الأجل. واعتذر بعضهم عن هذا بأن المكارمة ها هنا إنما وقعت في تحسين صفة ما يقضى، والشعبي عليه السلام قد ندب إلى ذلك وقال: بأن (خياركم أحسن قضاء) (¬2)، والقرض يباح أن يقضى على صفة هي خير مما قبض، ويمنع في المشهور أن يقضى على عدد أكثر مما قبض، لكون الزيادة في الصفة حُسْنَ قضاءٍ، بخلاف زيادة العدد.
ومنهم من يشير إلى ما ذكرناه من كون الهبة معلق قبضها بالأجل قبل استحقاق الطلب فلم يمنع.
ولو وقعت الإقالة على رد رأس المال كله أو ردّ بعضه مع بقاء السلم على حاله إلى أجله، فإن ذلك ممنوع أنه لا يتصور فيه ما قدمناه من أن المردود من رأس السلم إنما قبض على جهة السلف، وتعاقدا على أن عوض المنفعة بالسلف ما أبقياه في الذمة برسم السلم، فيصير ما دفعه على أنه برسم السلم عوض الانتفاع لما رده من جميع رأس المال أو من بعضه. ورأى عيسى بن دينار أن هذا إنما يمنع فيمن يتهم على القصد إليه، وأما إذا كان المتعاملان من أهل الصحة والبعد من التهمة فإنهما لا يمنعان من هذالأولا يتهمان على إبقاء جميع السلم في الذمة، وجعل ما سمياه رأس مال السلم قصدا به السلف.
وإذا تقرر أن الإقالة من بعض رأس المال، الذي هو دنانير أو دراهم وما في معناهما لا يجوز، لما صورناه من التحيل على البيع والسلف، فإن رأس مال
¬__________
(¬1) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: عليه.
(¬2) فتح الباري: كتاب الوكالة. ج 5 ص 389.