كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 2)

يثبت في دم العمد إلا بتراضي ولي الدم والقاتل، فقد صار هذا العقد المأخوذ، وليس بمال مشترك بين وليّي الدم، ولا عوضًا عما لم يشترك. ولو قلنا بمذهب أشهب أن لولي الدم أن يجبر على الدية وله أن يقتل، لكان في هذا أيضًانظر.
ويمكن أن يقال بأنه لا يكون مالًا حتى يختار الطالب بالدية، فكيف جرت الحال فإن الدين المستقر في الذمة عن معاملة رجلين شريكين في المعاملة، بخلاف مال لا يستحقه أحد الشريكين إلا برضاه ورضا القاتل، أو يستحقه ولكن بعد أن يختاره على ما سواه مما خير فيه وهو القصاص. ولما لم يتضح هذا العذر قال بعض الأشياخ: إنما نفرض المسألة التي وقعت في المدونة على أن هذين الرجلين اللذين لهما السلم تقاسما الدين الذي على المسلم إليه، ورضي كل واحد أن ينفرد بنصيبه. فإذا تقاسماه وتراضيا على ذلك لم يكن لأحدهما دخول على الآخر فيما اقتضاه، كما ذكر في المدونة أنه إذا اعتذر لشريكه فلم يقبض معه أنه لا يدخل معه فيما اقتضاه. ورأى بعضهم أن هذا تعسف فعدل عنه، وقدر أن هذه الإقالة والشركة والتولية (¬1)، وما ذلك إلا لكون الإقالة في هذا السلم وطريقها المعروف لم يجر مجرى سائر الديون المشتركة، ولم يدخل الشريك الذي لم يقل على شريكه المقيل. وذكر الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد أن العذر في هذا أن الإقالة ها هنا إذا وجبت المشاركة فيها فسدت، فمنع من المشاركة فيها، فكأنها (¬2) يشير إلى أنه إذا كان دخول أحد الشريكين على شريكه في هذه الإقالة لأجل فقد ما يدخل عليه لفساد الإقالة وردها (فصار كفرع - يبطلان أصله وإذا كان الفرع يبطلان أصله كان هو الباطل دون أصله) (¬3)، فدخول الشريك على شريكه في هذه الإقالة فرع عن ثبوتها، وإثبات دخوله عليه يمنع من ثبوتها فقد صار الفرع كرّ ببطلان أصله فوجب أن يبطل هذا القدر الذي أشار إليه الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد. ولكن لم ينص على وجه الفساد، وقد
¬__________
(¬1) هكذا في جميع النسخ، ولعل في الكلام نقصًا.
(¬2) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: فكأنه.
(¬3) هكذا في جميع النسخ.

الصفحة 157