نص عليه فضل بن سلمة لما قدمنا الإشارة إليه، وهو أن دخول الشريك الذي لم يقل على المقيل يصيّر المقيل مقيلًا على بعض ما أسلم فيه، وقد قدمنا أن الإقالة إنما تجوز على كل السلم لا على بعضه. وأشار الشيخ أبو عمران إلى طريق أخرى في فساد الإقالة: إنما تجوز على كل (¬1) ها هنا يقتضي خيار الشريك الذي لم يقل بين أن يمضي الإقالة أو يشارك فيها، والإقالة على خيار لا تجوز لما تضمنته من التأخير، والتأخير في الإقالة ممنوع، وكلا الوجهين إذا فسدت لهما الإقالة كان عذر فيما قدح به سحنون في جواز الإقالة. ونحا الشيخ أبو الحسن ابن القابسي إلى ناحية أخرى في الاعتذار، وسلكها بعده الشيخ أبو القاسم بن الكاتب، وهي أن الإقالة ها هنا كأنها سائغة لمن عليه السلم، فيصير من عليه السلم شريكًا لمن كان المقيل شريكه، فحل في ذلك محل بيع أحد الشريكين نصيبه من الدين من أجنبي لم يدخل عليه شريكه، لكون الذمة التي عوملت بالسلم إليها بقيت على حالها، بخلاف الاقتضاء فإن أحد الشريكين إذا اقتضى نصيبه فإنه قد أوهن ذمة الغريم المشتركة بينه وبين شريكه، وأخلاها مما أعطاه، فكان لشريكه في ذلك مقال مع كون الإقالة طريقها المعروف. ولا ينتقض هذا بصلح أحد الشريكين عن نصيبه من الدين، فإنه ذكر في المدونة أنه إذا صالح على نصيبه من الدين كان لشريكه أن يدخل عليه فيما صالح به لكون الصلح ها هنا يحل محل الاقتضاء، وكان القصد به الاقتضاء لا المبالغة. وهذه الطريقة قد لا يصح فيها وجه التفرقة بين صلح أحد الشريكين وبين إقالته؛ لأن الصلح يتصور أيضًا كون الشريك كبائع نصيبه من الدين من أجنبي.
(على أن ابن المواز ذهب إلى أن أحد الشريكين إذا باع نصيبه من الدين من أجنبي) (¬2) فإن لشريكه أن يدخل عليه ويشاركه في الثمن الذي باع به، مع كونه لم يخل ذمة غريمه ولا أوهنها، وإنما باع جزءًا منها ممن يحل محله. فهذه طرق شتّى في الاعتذار عما وقع في هذا السؤال.
¬__________
(¬1) بياض بمقدار كلمة في جميع النسخ.
(¬2) ما بين القوسين ساقط من و، م.