وعندي أنه لو سلك فيه طريقة أخرى لكانت سالمة من القدح، وهو أن يقال: قد علم من المذهب الاختلاف في الإقالة، هل هي حل بيع أو ابتداء بيع؛ فإن قلنا: إنها حل بيع اتضح ما قاله ابن القاسم؛ لأن الشريك المقيل قد حل ما عقد على نفسه، وكأنه لم يكن شريكًا في هذا الدين قط. وإذا لم يشارك فيه لم يستحق الآخر الدخول عليه. وإن قلنا: إن الإقالة ابتداء بيع، اعبترتَ أصلًا آخر وهو إلحاق دخول الشريك على شريكه فيما اقتضاه لكونه أوهن الذمة المشتركة بما أخذ منها، وإذا وجب دخوله عليه صار الشريك المقيل كأنه [قال من بعض نصيبه هي ما وقع عند الإقالة، وعند الإقالة ها هنا إنما وقع على نصيب الشريك كله لا على بعضه. لكن الأحكام علمته وأوجبت دخول شريكه، وهذا حكم توجه عليه بعوإنعقاد إقالته على وجه صحيح في ظاهره مما يوجبه الأحكام، هل يقدر كأنه كالمشترط في العقد أو لا يقدر أنه كالمشترط؟. وهذا أصل اضطرب فيه المذهب، ألا ترى أنْ الوليّ الأبْعدَ إذا عقد، فإنه قد قيل: إن العقد يفسد لأجل ما أوجب الشرع من الخيار للولي الأقرب، فكأنه كالخيار المشترط في أصل العقدة وقيل: لا يفسد، إلى غير ذلك من المسائل المبنية على هذا الأصل. فهذه طريقة إذا سلكت بعد منها القدح.
وقد ذكر في آخر كتاب السلم الثاني مسألة من أسلم في ثوب بذراع رجل بعينه فأجاز ذلك إذا أراه الذراع، ويؤمر أن يأخذ قياسه بعصاة على أنه عدل، أو يأخذه كل واحد منهما عنده. ولو عقد السلم على ذراع مطلق لكان العقد جائزًا، ويقضى عليهما بالذراع الوسطى. هكذا ذكر أصبغ عن ابن القاسم. وقال أصبغ: هذا استحسان، والقياس الفسخ. ولو وقع العقد على ويبة وحفنة فإنه في المدونة قال: ذلك جائز إذا أراه الحفنة. فاشترط ها هنا رؤية الحفنة، ومقتضى ما حكيناه عن ابن القاسم يقضى بحفنة وسطٍ. وهنا عقد يقدح فيه بأنه اشتمل على مكيل وهو الويبة، وجزاف وهو الحفنة، وفي اشتمال العقد الواحد على مكيل وجزاف خلاف. لكن هذا الاختلاف في جزاف مرئي وها هنا إنما