كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 2)

على أحد القولين، كما قدمنا ذكر هذا، وذكْرَ الخلاف فيه لأجل أن البلاد كثيرةٌ، وكلُ بلد منها حكمه في نفسه يشبه اشتراط قبض المسلم فيه، كحكم بلد آخر في محاذاته، أو قريبًا منه. والمكيلة مقدار الأسعار فيها معلوم، فإذا رُدَّ إلى الوسط من أسعارها حُملا على أمر معلوم. وقد تقدم بيان هذا. وقد قيل في الآجال: إذا تداعيا فيها ما لا يشبه، كما قيل في اختلاف الأمكنة التي لا يشبه القبض فيهالأولكن المعروف في اختلافهما في الأجل أن يحملا على الوسط من الأجل، لكون الأثمان يستدل بها من جهة الأسعار على مقدار الأجل، ويعرف الوسط منها.
ولو اتفقا على أنهما اشترطا بلدًا معينًا، وتراضيا عند حلول الأجل على قبض الطعام ببلد آخر تلاقيا به، فإن اشترط قابض الطعام أن يأخذ مع المكيلة التي له على الذي عليه السلم زيادةَ دراهم أو عرض، فإن ذلك لا يجوز، لكونه بيعَ الطعام قبل قبضه لما باع المكيلة التي له في الذمة بمثلها وزيادة دراهم، أو عرض عليها، مع التفاضل بين الطعامين، مع تقدير النساء في بيع هذين الطعامين، وهو مسافة ما بين البلدين. وإن تراضيا على المكيلة مجردة من زيادة عليها، فإن ابن المواز وابن حبيب ذكرا إجازة ذلك. وذكر أبو القاسم بن الكاتب أن الأشبه أنه لا يجوز، لكون اختلاف مسافة البلدين، وأسعارهما كزيادة مقبوضة مع الطعام الذي أخذ ببلد غير البلد الذي تعاقدا على القبض فيه، فلهذا امتنع في اشتراط قرض الطعام أن يدفعه مسلفه في غير البلد الذي قبضه فيه، لما تقرر من كون العمل في المسافة التي بين البلدين كزيادة مشترطة في السلف.
وإن لم يحل الأجل فلا يجوز التراضي بأخذ ذلك ببلد آخر، لكون التهمة ها هنا في حصول الزيادة متأكدة لكون الأجل لم يحل، ولم يلزم المسلم إليه أن يدفع السلم، فكأنه إنما يطوع لأجل حمل مؤونة المسافة. وذكر بعض الأشياخ أنه لا فرق بين حلول الأجل وكونه قد حل، وقد نبهنا على الفرق بتأكد التهمة إذا لم يحل الأجل، وضعفها إذا حل.

الصفحة 80