كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 2)

الكراء على يوم يوم، يلزم المكتري أن يدفع نقدًا عند طلوع الشمس ويتأخر قبض العوض عنه إلى آخر النهار. بخلاف إذا كان العقد على سلعة معينة يمكن تسليمها، وقبض الثمن بعد تسليمها في الحال، من غير تراخ، فإنا إذا أجبرنا المشتري على البداية بالنقد، على مذهب من ذهب إلى هذا، لم يكن في ذلك ضرر ولا إسقاط للمساواة بين البائع والمبتاع. بخلاف جبر المكتري على دفع كراءٍ وعوضُه يتأخر قبضه.
وهذا هو مدافعة لشيخنا أبي محمَّد عن استقرائه (¬1)، فيه نظر. ولشيخنا أن يقول: إذا جعلت في هذه المسألة خصوصًا دون غيرها من عقود البياعات، لأجل أن المشتري إذا أجبرناه على الوزن تأخر قبض عوض ما يوزن، وهذا لا سبيل إليه، فهلا عكستم هذا؟ وقيل أيضًا: لا يلزم ربَّ الدابة أن يقطع بالمكتري مسافة يوم، وما قطعه في أول النهار يتأخر قصد عوضه، فهذا التعليل - لما وقع في المدونة، ينقلب كما بيناه، وإذا انقلب عدل عنه إلى أن العلة في هذا كون البائع يبدأ بالتسليم في هذا وفي غيره، لأجل العلل التي نذكرها في توجيه هذا المذهب. ويذكر هذا أنه قد تقرر أن من باع سلعة بثمن إلى أجل فإنه ليس له حبس السلعة حتى يحِلَّ الأجل ويَقبض الثمن؛ لأنه لم يدخل على ذلك، لأجل (¬2) ما رضي به من التأجيل وقد أخذ عوض الصبر، فالثمن فيه زيادة على بيع النقود، فكذلك ها هنا المكتري قد علم أن ما اشتراه من المنافع لا يقبض دفعة واحدة بل يقبض شيئًا فشيئًا، فليس من حقه قبض الكراء حتى يفرغ آجال المشتري من المنافع. وهذا يولد ضعف الاعتماد على ما أشار إليه شيخنا أبو الحسن من الفرق لما أريناك من كون النظر يقتضي البداية بتقديم المشتري في دفع الكراء قياسًا على بيع سلعة بثمن إلى أجل، فإن المؤجل يتأخر والمنقود يبدأ بتسليمه.
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: وَفيه نظر.
(¬2) هكذا في النسختين.

الصفحة 83