المشتري بالثمن الذي لم يتعين حين العقد.
وأما من ذهب إلى إعراض الحاكم عنهما، فإنه يرى أنه لما لم يترجح جانب أحدهما على الآخر لم يصح القضاء لهذا على هذا، فأبقاهما على المشاركة، ومنعهما من المشاجرة، كما لو ادعى رجل على آخر بدين فنكل المدعَى عليه عن اليمين، وردها على المدعي فنكل، فإنهما يتشاركان، ويمنعهما الحاكم من المشاجرة والخصام (¬1).
وعلى هذا الأسلوب جرى من ذهب إلى قبض الحاكم منهما الأعواض، ثم تولّي الدفع أوَّلًا لمن شاء منهما، لكون أحدهما لا مزية له على الآخر.
فصرف الخيار إلى الحاكم بعد قبضه ما في أيديهما جميعًا حتى يتساويا في الدفع إليه، ثم يخير هو فيمن يبدأ به.
هذا بيان اختلافهما فيمن يبدأ بالتسليم منهما.
وأما لو اختلفا: هل وقع التسليم والقبض أو لم يقعا، فإنه لا يخلو من قسمين: أحدهما: أن ينكر المشتري تسليم البائع السلعة المبيعة إليه؛ أو ينكر البائع قبض ثمن ما باعه.
فأما إن أنكر المشتري قبض السلعة المبيعة، فإن القول قوله، إذا لم يقع إشهاد بينهما على كون الثمن في ذمة المشتري؛ لأن على البائع التمكين من المبيع وتسليمه لمشتريه. والأصل كونه غيرَ فاعل لهذا، فإذا زعم أنه قد فعله فعليه إثباتٌ. وأما إن وقع الإشهاد على المشتري بالثمن، فإن في ذلك قولين: المشهور منهما أن البائع مصدق في دفع السلعة. وذهب محمَّد بن عبد الحكم إلى أن البائع لا يصدق في دفع السلعة. وهو ظاهر مذهب ابن أبي ليلى.
وهذا الذي قاله محمَّد بن عبد الحكم هو طرف التعليل الذي قدمناه؛ لأنا ذكرنا أن على البائع التمكينَ من المبيع والتسليم له. وإن ادعى أنه فعله فعليه
¬__________
(¬1) هذ ابن اء على عدم مراعاة: مقابلة النكول بالنكول تصديق للناكل الأول.