وكِّل على عقْدِه.
هكذا ينقسم الأمر في الوكالة على المعاملة بالنقد، فإنه إن وكل على بيع سلعة كان له قبض ثمنها، وإن وكل على شرائها، وأخبر البائع أنه وكيل لغيره، فإن ابن المواز رأى أن مجرد إخباره بأنه وكيل لغيره، أو أنه اشترى السلعة لغيره لا تسقط عنه المطالبة بالثمن. وذكر أنه إذا قال البائع (¬1): فلان بعثني لأشتري له هذه السلعة منك. فإن هذا لا يبرىء الوكيل من الثمن. قال: لأنه يقول له البائع: أنت مشترٍ منّي، ولا أبالي هل شراؤك لنفسك أو لغيرك. وذكر في المبسوط عن مالك: أنه إذا وجد البائع الدراهم زيوفا أنه لا يلزمه بدَلُها، وإنما يطالب بالمال الموكّلَ، إذا كان قد أخبر الوكيلُ البائعَ أنه إنما اشترى لغيره.
وهذا يقتضي عند بعض أشياخنا أن المذهب على قولين في مطالبة الوكيل بالثمن إذا لم يصرح بالتزامه ولا بالبراءة منه. ورأى أن هذا الاختلاف ينبني على الاختلاف في البيع هل هو العقد بمجرده أو هو التقابضُ العِوَضِيُّ. وعلى هذا أجرى اختلاف قول مالك في ضمان العبد المحتبس بالثمن، هل يضمنه المشتري؛ لأن البيع هو العقد، وقد حصل، أو لا يضمنه؛ لأن البيع هو القبض، وهو لم يحصل. فكذلك يختلف في مطالبة الوكيل بالثمن. فإذا قيل: إن البيع هو العقد، فقد نجز ما وكِّل عليه، وفرغ منه؛ لأنه إنما وكّل على البيع، وقد حصل. وإن قلنا: إن البيع هو التقابض، فإن الوكيل يُطلب بالثمن؛ لأنه لا يحصل ما وكل عليه وعَقَده إلا بالتقابض. وهو (¬2) الذي أسند إليه هذا الاختلاف في المحتبسة بالثمن في هذه المسألة لا يستقيم، إذا اعتبر بحقائق الأصول.
وسنبسط الكلام على هذا عند كلامنا على المحتبسة بالثمن، وذكرنا لما ذكره الشيخ أبو الحسن بن القابسي رحمه الله من كون الخلاف فيها مبنيًا على ضمان الحيوان، وما لا يغاب عليه في الرهبان، ولما ذكره غيره من الأشياخ من كون الخلاف في ذلك مبنيًا على مراعاة مضي قدر التسليم بعد زمن العقد. ولكن
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: للبائع.
(¬2) هكذا، ولعل الصواب: هذا.