فبعضهم مثل بالمكاتب لما كان ليس لسيده الحجر عليه، وبعضهم مثل بما يعطيه لقُوته لما كان ليس له أن يحجر عليه أيضًا فيه.
وصار بعضهم إلى اعتذار آخر سلك فيه طريقة أخرى، فقال: المراد بما وقع في الكتاب من هذا أن السيد لا يجب عليه أن يمنعه من هذا لكونه في حكمه. وقد حاول فعلًا حرامًا، لأجل أن السيد لما رضي له بالمقام على دينه صار كالراضي له بالجري على أحكامه. فأشار بهذا إلى نفي وجوب تغيير هذا المنكر على السيد، كما يجب ذلك عليه لو حاوله عبد له مسلم.
وهذا تأويل وإن لم يبعد في معناه فقد بعد عن مقتضى لفظ الكتاب؛ لأنه قال: ولا ينبغي للمسلم أن يمنع عبده النصراني من شرب الخمر وبيعها وشرائها. وقوله: "لا ينبغي" كالنهي له عن أن يفعل. وهؤلاء حملوا ذلك على أن المراد به: لا يجب عليه أن يفعل، وإن كان مباحًا له أن يفعل. وهذا يبعد حمل هذا اللفظ عليه.
وقد اختلف القول عندنا في منع الزوج المسلم زوجته النصرانية من شرب الخمر، وأكل الخنزير، والخروج إلى الكنيسة. فقيل: ليس له منعها من أحكام دينها وما هو من شرائعها؛ لأنه إنما نكحها على ذلك، وعلى ذلك تزوجته. وقيل: له منعها من ذلك، ومن إتيان الكنيسة إلا في الفرض والأمر النادر.
وقد أجاز في الكتاب وكالة العبد. ولكن لو وُكِّل عبد أجنبي والعبد الوكيل محجور عليه، لكان لسيده طلب إجارته فيما تولى من سعي في العقد، لكون سعيه ومنافعه يملكها عليه، فليس لغيره أن يتملكها ولا ينتفع بها دون إذن سيده، ولو كان العبد مأذونًا له في التجارة والسعي في مثل هذا، والنيابة فيه من مصالح تجارته ومن جملة ما تضمنه إذن السيد له فيه، فإنه لا أجرة على من
وكله.
والجواب عن السؤال الرابع أن يقال: إنه قد تقرر أنه ليس لأحد أن