كتاب كتابة السنة النبوية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأثرها في حفظ السنة النبوية

عمر بن عبد العزيز فأراد أن يجمع السنن ويدونها؛ مخافة أن يضيع منها شئ، وكان ذلك على رأس المائة الأولى، فكتب إلى بعض علماء الأمصار يأمرهم أن يجمعوا الأحاديث، كما كتب إلى عماله في أمهات المدن الإسلامية، وهكذا أصدر الخليفة العادل أمره إلى أقطار الإسلام: "انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه" (1) .
وكتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (ت117هـ) . "اكتب إليَّ بما يثبت عندك من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث عَمْرة فإني خشيت دُروسَ العلم وذهابه" وفي رواية: "فإني خشيت دُروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وليفشوا العلم، وليجلسوا، حتى يعلم من لا يعلم؛ فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً" (2) .
كما أوصاه أن يكتب له بما عند القاسم بن محمد بن أبي بكر كما أمر ابن شهاب الزهري (ت:124هـ) وغيره بجمع السنن فكتبوها مستجيبين لأمر الخليفة الذي حفز هممهم وصادف أمره في نفوسهم الاستجابة والقبول، وهكذا أتمَّ الله على يد عمر بن عبد العزيز تنفيذ رغبة جده عمر بن الخطاب التي عدل عنها خشية التباس السنة بالقرآن الكريم.
وكان تدوين الإمام الزهري للسنة عبارة عن جمع الأحاديث التي
__________
(1) فتح الباري ج1 ص204.
(2) المرجع السابق ...

الصفحة 35