كتاب كتابة السنة النبوية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأثرها في حفظ السنة النبوية

تدور حول موضوع واحد في مؤلف خاص، فكان لكل باب من أبواب العلم مؤلف قائم به، فكتاب للصلاة مثلاً، وآخر للصوم، وهكذا وكل مؤلف من هذه المؤلفات تدون فيه الأحاديث المتصلة بموضوعه، ومختلطة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، وقد أخلص الإمام الزهري نيته وعمله لله في تدوين السنة والتنبيه على العناية بأساليبها.
أما بعد الإمام الزهري فقد تناول الأئمة رسالته، وأخذوا يكمِّلون ما بدأه فقد كان عمل الزهري بمنزلة حجر الأساس لتدوين السنة في كتب خاصة، ولكي يوضح الإمام الزهري هذا العمل، ويَسْلم أساس البناء للجيل الذي سيأتي بعده. كان يخرج لطلابه الأجزاء المكتوبة ليرووها عنه.
وفعلاً فقد بدأ العمل بعده، وتعاون الأئمة والعلماء في المدن الإسلامية: في مكة وفي المدينة وفي البصرة والكوفة والشام وخراسان واليمن وواسط والرَّي، واضطلع الأئمة من أمثال الإمام ابن جريج (ت:150هـ) بمكة، والإمام مالك (ت:179هـ) بالمدينة، والإمام سفيان الثوري (ت:161هـ) بالكوفة وغيرهم بالمهمة الجليلة الملقاة على عاتقهم، فأكملوا ما بدأه الزهري، الذي قام بالتدوين فجمع كل باب في مؤلف خاص كما سبق، فجاء هؤلاء من بعده، فجمعوا أحاديث كل باب من أبواب العلم على حدة، ثم ضموا الأبواب بعضها إلى بعض، فكانت مصنفاً واحداً، وخلطوا الأحاديث بأقوال الصحابة والتابعين.
أما من جاء بعد هؤلاء الأئمة -من أهل عصرهم- فقد سار على

الصفحة 36