كتاب أعلام السيرة النبوية في القرن الثاني للهجرة

موسى يفتي. وقال مصعب الزبيري: لهم هيبة وعلم.
كتب موسى المغازي وتتبعها وأتقنها، وسبب ذلك ما ذكره إبراهيم بن المنذر قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، قال كان بالمدينة شيخ يقال له: شُرَحبيل أبو سعد، وكان من أعلم الناس بالمغازي، فاتهموه أن يكون يجعل لمن لا سابقة له سابقة، وكان قد احتاج فأسقطوا مغازيه، وعلمه.
قال إبراهيم: فذكرت هذا لمحمد بن طلحة بن الطويل ولم يكن أحد أعلم بالمغازي منه فقال لي: كان شرحبيل بن سعد عالماً بالمغازي، فاتهموه أن يكون يُدْخِلُ فيهم من لم يشهد بدراً، ومَنْ قُتل يوم أحد، والهجرة، ومن لم يكن منهم وكان قد احتاج فسقط عند الناس، فسمع بذلك موسى بن عقبة فقال: وإن الناس قد اجترؤوا على هذا؟ فدبّ على كبر السن وقيد من شهد بدراً، وأحداً، ومن هاجر إلى أرض الحبشة، والمدينة وكتب ذلك.
وقد غدا كتابه هذا محل ثقة العلماء وراج في حلقات الدرس، فكان مالك بن أنس إذا سئل عن المغازي عمن تكتب قال: عليكم بمغازي موسى ابن عقبة فإنه ثقة، وفي رواية: عليكم بمغازي الرجل الصالح موسى بن عقبة، فإنها أصح المغازي.
وسبب ثناء مالك عليها يوضحه ما جاء عنه في قوله: عليكم بمغازي موسى بن عقبة، فإنه رجل ثقة طلبها على كبر السن ليقيد من شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكثر كما كثر غيره.
قلت: هو يعرض بعمل محمد بن إسحق.
وبقي العلماء عبر العصور يشيدون به ويشيرون إليه، ومن ذلك قول علي ابن المديني، قال لي الدراوردي؛ قل ليوسف السمتي: يتقي الله ويرد كتاب

الصفحة 16