كتاب أعلام السيرة النبوية في القرن الثاني للهجرة

وبعض لم يقرّ لنا البكائي بروايته، ومستقصٍ إن شاء الله تعالى، ما سوى ذلك منه بمبلغ الرواية والعلم به (1) . وقد لقي عمل ابن هشام هذا القبول والرضا، وبه عرفت سيرة ابن إسحق بل ونسب إلى ابن هشام.
وتوالت الشروح والدراسات حول عمل ابن هشام هذا.
قال الفلاس: سمعت يحيى بن سعيد يقول لعبيد الله: إلى أين تذهب؟ قال: أذهب إلى وهب بن جرير أكتب السيرة، قال الذهبي: كان وهب يرويها عن أبيه عن ابن إسحق، وأشار يحيى القطان إلى ما في السيرة من الواهي من الشعر ومن بعض الآثار المنقطعة المنكرة، فلو حذف منها ذلك لحسنت، وَثَمَّ أحاديث جمَّة في الصحاح والمسانيد مما يتعلق بالسيرة والمغازي ينبغي أن تُضمَّ إليها وتُرَتَّب، وقد فعل غالب هذا الإمام أبو بكر البيهقي في دلائل النبوة له (2) .
قلت: وبهذا فلا يعدو كتاب البيهقي أن يكون مستخرجاً على كتاب ابن إسحق وهذا ظاهر فيه.
ودون أن أمرّ على تأثير كتاب ابن إسحق ومغازيه فيمن جاء بعده أبدي ملاحظات حول أهمية كتاب ابن إسحق فأقول (3) :
1- إن ابن إسحق لم يلتزم بالإسناد في قسم من أخباره، ولم يضع شروطاً معينة لتلقي أخبار السيرة من رجال معينين، أو كيفية معينة، ولهذا كان كثير السؤال والتطلاب لأخبار السيرة والمغازي حتى اشتهر بذلك،
__________
(1) انظر: السيرة لابن هشام 1/ 2.
(2) انظر: سير أعلام النبلاء 7/52.
(3) كتابنا مصادر السيرة النبوية وتقديمها ص: 96.

الصفحة 29