كتاب أعلام السيرة النبوية في القرن الثاني للهجرة

والواقدي، وابنه محمد بن أبي معشر، هو آخر من روى عنه، وغيره.
وثَّقة جمع، وضعفه آخرون من قبل حفظه. قال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: كان أبو معشر كيساً حافظاً، وقال هشيم: ما رأيت أحداً أكيس من أبي معشر. وقال يحيى بن معين: ضعيف يكتب حديثه في الرقائق، وكان رجلاً أمياً يُتقى أن يروي من حديثه المسند. وضعفه البخاري، وأبو داود، والنسائي وغيرهم. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وذكر مغازي أبي معشر فقال: كان أحمد بن حنبل يرضاه ويقول: كان بصيراً بالمغازي. وقال أبو حاتم: كنت أهاب حديث أبي معشر حتى رأيت أحمد بن حنبل يحدِّث عن رجل عنه أحاديث فتوسعت بعد في كتابة حديثه. قال الخليلي: أبو معشر له مكان في العلم والتاريخ، وتاريخه احتج به الأئمة، وضعفوه في الحديث. وذكره ابن البرقي فيمن احتملت روايته في القصص، ولم يكن متين الرواية.
قال ابن عدي: حدَّث عنه الثوري وهشيم، والليث بن سعد وغيرهم من الثقات وهو مع ضعفه يكتب حديثه.
أما علمه بالمغازي فشهد له بتبريز فيها غير واحد، وناهيك بأحمد بن حنبل. قال الفضل بن هارون البغدادي: سمعت محمد بن أبي معشر، قال: كان أبي سندياً أخرم خياطاً، قالوا: وكيف حفظ المغازي؟ قال: كان التابعون يجلسون إلى أستاذه فكانوا يتذاكرون المغازي، فحفظ. وابنه محمد هذا حدّث عنه بالمغازي وكان خاتمةَ من حدث بها عنه، وذلك لأنه عمِّر نحواً من مائة سنة، وتوفي سنة سبع وأربعين ومائتين، وهو صدوق أخرج له الترمذي عن أبيه.

الصفحة 38