كتاب عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل - صالح الرفاعي

ثم روى بإسناده: "عن عتبة بن أبي حكيم أنه كان عند إسحاق بن أبي فروة، وعنده الزهري (1) ، قال: فجعل ابن أبي فروة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له الزهري: قاتلك الله يا بن أبي فروة، ما أجرأك على الله! لا تُسْندُ حديثك؟! تحدثنا بأحاديث ليس لها خُطُم ولا أَزِمَّة" (2) .
شبَّه الأسانيد بالخُطُم والأزمة للدواب، فالدابة التي ليس لها خطام تُمْسَك به تتفلت من صاحبها، ولا تنقاد له.
وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء". رواه مسلم في مقدمة صحيحه (3) ، وروى عنه أيضاً أنه قال: "بيننا وبين القوم القوائم" يعني الإسناد (4) .
قال النووي رحمه الله: "ومعنى هذا الكلام: إن جاء بإسناد صحيح قبلنا حديثه، وإلا تركناه، فجعل الحديث كالحيوان، لا يقوم بغير إسناد، كما لا يقوم الحيوان بغير قوائم" (5) يعني: بغير أرجل.
وكلامهم في هذا المعنى كثير (6) ، وهو يدل على أهمية الإسناد، ويدل أيضاً
__________
(1) محمد بن مسلم بن عبيد الله أبو بكر القرشي الزهري الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه، مات سنة خمس وعشرين ومائة. (تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر رقم 6296) .
(2) معرفة علوم الحديث للحاكم: (ص6) .
(3) صحيح مسلم: (المقدمة ص15) .
(4) المصدر السابق.
(5) شرح صحيح مسلم: (1/88) .
(6) انظر: الإسناد من الدين ومن خصائص أمة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم للدكتور عاصم القريوتي، والإسناد من الدين لأبي غدة.

الصفحة 12