كتاب اختلاف أقوال النقاد في الرواة المختلف فيهم مع دراسة هذه الظاهره عند ابن معين

ورحل كثيراً في طلب الحديث، وكان صبوراً على طلب العلم، فهذا مظفر بن مُدْرِك الخراساني نزيل بغداد - ثقة متقن، كان لا يُحَدِّث إلا عن ثقة ت 207هـ- كان أول من جاء إليه مع الإمام أحمد، ولم يحدِّثهم سنة شيئاً، فعدّوا الأيام، فلما تمت السنة جاؤوا فحدَّثهم" ومنه تعلم صنعة الحديث ومعرفة الرجال (1) .
وكان حريصاً على سؤال بعض الشيوخ الكبار في أول لقائه بهم والتعرف عليهم، فحينما قدم حران مع الإمام أحمد للقاء عبد الله بن محمد النفيلي - ثقة حافظ ت 234هـ- سأله وهو يعانقه قال: "يا أبا جعفر. قرأت على معقل ابن عبيد الله عن عطاء (أدنى وقت الحائض اليوم؟) فقال له أبو عبد الله - يعني الإمام أحمد - لو جلست؟ قال: أكره أن يموت أو يفارق الدنيا قبل أن أسمعه" (2) . وكان يقول: "كتبت بيدي ألف ألف حديث، وكل حديث لا يوجد ها هنا - وأشار بيده إلى الأسفاط - فهو كذب" (3) . ورغم هذا الكم الهائل من الحديث كان كما يقول ابن سعد: " ... وكان لا يكاد يحدث" (4) .
ولعل السبب في ذلك ما ذكره أبو زرعة: "لم ينتفع بيحيى؛ لأنه كان يتكلم في الناس" (5) .
__________
(1) تاريخ بغداد 6/29 (ترجمة إبراهيم الحربي) ، نفسه 13/125 (ترجمة المظفر بن مدرك) .
(2) الجامع لأخلاق الراوي.... 2/241 القول في كتب الحديث على وجهه ...
(3) تهذيب الكمال 31/548، سير أعلام النبلاء 11/92، يعني بالأسانيد المكررة للمتن الواحد، ولأنه كان يكتب الحديث نيفاً وخمسين مرة - السير 11/92.
(4) طبقات ابن سعد 9/357 والسير 11/92.
(5) تاريخ الإسلام وفيات 231-240 ص411.

الصفحة 20