كتاب اختلاف أقوال النقاد في الرواة المختلف فيهم مع دراسة هذه الظاهره عند ابن معين

وقد اعتنى بمعرفة الرجال وأحوالهم، حتى إن الحافظ الذهبي عَدَّه من الذين تكلموا في أكثر الرواة (1) ، وصنفه ضمن المتعنتين في الجرح والمتثبتين في التعديل، يغمز الواحد منهم الراوي بالغلطتين والثلاث ويلين بذلك حديثه، ثم وصف هذا القسم وأصحابه بأنه "إذا وَثَّقَ شخصاً فعض على قوله بناجذيك، وتمسك بتوثيقه، وإذا ضَعَّفَ رجلاً فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه؟ فإن وافقه، ولم يوثق ذاك أحد من الحذاق فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فهذا الذي قالوا فيه: لا يقبل تجريحه إلا مفسراً يعني لا يكفي أن يقول فيه ابن معين مثلاً: هو ضعيف، ولم يوضح سبب ضعفه، وغيره قد وثقه، فمثل هذا يتوقف في تصحيح حديثه، وهو إلى الحُسن أقرب. وابن معين وأبو حاتم، والجوزجاني: متعنتون" (2) .
وبسبب كثرة السائلين له عن الرجال تعدَّدت أقواله واختلفت، يقول الحافظ السخاوي: "يحيى بن معين وقد سأله عن الرجال غير واحد من الحفاظ، ومن ثَمَّ اختلفت آراؤه وعباراته في بعض الرجال، كما اختلف اجتهاد الفقهاء، وصارت لهم الأقوال والوجوه، فاجتهدوا في المسائل كما اجتهد ابن معين في الرجال" (3) .
__________
(1) ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ص158 والمتكلمون في الرجال للسخاوي ص93.
(2) ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ص158-159، والمتكلمون في الرجال للسخاوي ص93 بلفظ: "ومثل هذا يختلف في تصحيح حديثه وتضعيفه". ومن المعلوم أن هذا التقويم من الحافظ الذهبي له مكانته؛ لأنه كما قال الحافظ ابن حجر عنه: "هو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال" انظر الحاوي للفتاوي 1/348 وكذا السخاوي قالها في المتكلمون في الرجال ص132.
(3) المتكلمون في الرجال للسخاوي ص93.

الصفحة 21