كتاب جهود المحدثين في بيان علل الحديث

11- وَقَالَ ابنُ رجب: "فالجهابذةُ النقادُ العارفون بعللِ الحديثِ أفرادٌ قليلٌ من أهل الحديث جداً، وأوَّل من اشتهر في الكلام في نقد الحديث ابن سيرين، ثم خَلفه أيوب السختياني، وأخَذ ذلك عنه شعبةُ، وأخذ عَنْ شعبة: يحيى القطان وابن مهدي، وأخذ عنهما: أحمدُ وعلى بنُ المديني وابنُ معين، وأخذ عنهم مثل: البخاريّ وأبي داود وأبي زرعة وأبي حاتم، وكان أبو زرعةَ في زمانه يقول: قلَّ من يفهم هذا! ما أعز هذا! إذا رفعت هذا من واحد واثنين فما أقلّ من تجد من يحسنُ هذا، ولما ماتَ أبو زرعة قال أبو حاتم: ذَهَبَ الذي كان يحسن هذا المعنى - يعني: أبا زرعة - ما بقي بمصر ولا بالعراق واحد يحسن هذا، وقيل له بعد موت أبي زرعة: يعرف اليوم واحد يعرف هذا؟ قَالَ: لا، وجاء بعد هؤلاء جماعة منهم النسائي والعُقيلي وابن عدي والدّارقُطنيّ، وقلّ مَن جاء بعدهم مَنْ هو بارع في معرفة ذلك حتى قال أبو الفرج بن الجوزي في أول كتابه الموضوعات: قل من يفهم هذا بل عُدم، والله أعلم" (1) .
- وَقال أيضاً: "وقد ذكرنا في كتاب العلم أنه علم جليل، قلَّ من يعرفه من أهل هذا الشأن، وأنَّ بساطه قد طوي منذ أزمان" (2) .
- وَقال أيضاً: "ذكرنا فيما تقدم في كتاب العلم شرف علم
__________
(1) جامع العلوم والحكم (ص241-242) .
(2) شرح علل الترمذي (2/467) .

الصفحة 12