كتاب علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية

فمع وجود الشروط الأخرى قد يفقد الحديث شرط عدم الشذوذ فتعلّ الرواية بالضعف، وقد لا تظهر العلة والشذوذ إلا بعد النظر الشديد ومضي الزمن البعيد.
قال علي بن المديني: ربما أدركت علة حديث بعد أربعين سنة (1) .
روى ابن حبان في كتاب "المجروحين" قال: "حدثنا عبد الله بن قحطبة بفم الصلح قال: حدثنا أحمد بن زكريا الواسطي قال: سمعت أبا الحارث الورّاق يقول: جلسنا على باب شعبة نتذاكر السنة فقلت: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فأحسن الوضوء دخل من أي أبواب الجنة شاء"، فخرج شعبة بن الحجاج، وأنا أحدِّث بهذا الحديث فصفعني ثم قال: يا مجنون: سمعت أبا إسحاق يحدث عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر فقلت: يا أبا إسحاق سمعتَ عبد الله بن عطاء يحدث عن عقبة بن عامر؟ فقال: اسكت، فقلت (2) : لا أسكت، فالتفت إلى مِسْعر بن كدام فقال: يا شعبة عبد الله بن عطاء حَيّ بمكة فخرجت إلى مكة، فلقيت عبد الله بن عطاء، فقلت: حديث الوضوء؟ فقال: عقبة بن عامر، فقلت: يرحمك الله سمعتَ منه؟ قال: لا، حدثني سعد ابن إبراهيم، فمضيت فلقيت سعد بن إبراهيم، فقلتُ: حديث الوضوء؟ فقال: من عندكم خرج، حدثني زياد بن مِخْراق، فانحدرت إلى البصرة، فلقيت زياد ابن مخراق -وأنا شَحِب اللون وسخ الثياب كثير الشعر- فقال:
__________
(1) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/257) .
(2) القائل هو شعبة.

الصفحة 23