كتاب علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية

– فقال لها: أنا أحفظ فلا أمكنهم ذاك، فقالت: لست أدعك تخرج فإني لا آمنهم عليك، فما زال قرة يجتهد ويحتج عليها في الخروج وهي تمنعه وتحتج عليه في ترك الخروج إلى أن يجيء علي بن قرة، حتى غلبت عليه ولم تدعه، قال أبو زرعة: فانصرفنا وقعدنا حتى وافى ابنه علي، قال أبو زرعة: فجعلت أعجب من صرامتها وصيانتها أباها (1) .
حكم رواية المختلط:
قال ابن حجر: “والحكم فيه أن ما حدث به قبل الاختلاط إذا تميّز، قُبل، وإذا لم يتميز تُوقف فيه، وكذا من اشتبه الأمر فيه، وإنما يعرف ذلك باعتبار الآخذين عنه” (2) .
يعني: إذا عرف عن طريق تلامذته أن هذا الحديث بعينه أخذ عنه التلميذ قبل الاختلاط يكون مقبولاً صحيحاً.
وإذا عرف أن التلميذ أخذ عنه بعد الاختلاط، توقف فيه ولم يعمل به، وإذا لم يعمل به، صار في حيّز المردود.
وكذلك إذا لم يعرف، هل أخذ منه التلميذ هذا الحديث بعينه قبل الاختلاط أو بعده، توقف فيه حتى يوجد له متابعات وشواهد توافقه، فتقويه وتصححه، وإلا يبقَ متوقفاً فيه غير معمول به.
وهذا هو مقصود من قال: ترد روايته، أو تسقط روايته.
قال ابن الصلاح: “والحكم فيهم (أي المختلطين) ، أن يقبل حديث من
__________
(1) أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي (ص575-576) ، تحقيق الدكتور: سعدي الهاشمي.
(2) نزهة النظر (ص139) .

الصفحة 36