كتاب علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية

أخذ عنهم قبل الاختلاط، ولا يقبل حديث من أخذ عنهم بعد الاختلاط أو أشكل أمره فلم يعرف هل أُخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده” (1) .
وقال السخاوي: “فما روى المتصف بذلك في حال اختلاطه، أو أبهم الأمر فيه وأشكل بحيث لم يعلم أروايته صدرت في حال اتصافه به أو قبله؟ سقط حديثه في الصورتين، بخلاف ما رواه قبل الاختلاط لثقته، هكذا أطلقوه” (2) . وقال نحوه في "فتح الباقي" (3) .
فليس قصدهم رَدَّ رواية المختلط الذي روى عنه تلميذه بعد الاختلاط، أو أشكل أمره هل سمع قبل أو بعد؟ وإنما المقصود: أن حديث المختلط من هذا النوع لا يقبل بانفراده، ويبقى متوقفاً فيه للاعتبار، ليس مردوداً مطلقاً، ولا ساقطاً.
4- ومن أسباب العلة في الحديث: الاضطراب، وهو داخل في عدم تمام الضبط
وهذه العلة أيضاً من الأسباب الخفية المضعّفة لحديث الراوي، لأنها لا تظهر إلا بجمع الطرق والأسانيد وألفاظ المتون.
والاضطراب: افتعال من ضرب، فأصل الكلمة اضْتَرَب، فأُبدلت التاء طاءً، فصار اضطرب فهو مضطرب.
والاضطراب يأتي بمعنى الاختلاف، يقال: اضطرب الحبل بين القوم إذا اختلفت كلمتهم، واضطرب أمره اختلّ واضطرب تحرك وماج (4) .
__________
(1) علوم الحديث لابن الصلاح (ص352) .
(2) فتح المغيث (3/323-333) .
(3) فتح الباقي المطبوع بحاشية التبصرة والتذكرة (3/264) .
(4) تهذيب اللغة (12/20) ، ومختار الصحاح (ص379) .

الصفحة 37