كتاب علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية

ولا يقال في تعريف المرسل: ما منه الصحابي سقط، لأنه لو تعين لنا أن الصحابي رضي الله عنه هو الساقط، لما ضُعّف المرسل، كأن يظهر من طرق أخرى ذكر التابعي للصحابي في هذه الرواية ذاتها، أو أن يصف التابعي الصحابي بوصف الصحبة كـ"عن صالح بن خوَّات، عمن صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع" (1) ، أو غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم، أو وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يصفه بالصحبة فلا يكون موصولاً، لاحتمال أن يكون المحذوف تابعياً آخر، فيحتمل أن يكون ضعيفاً، ويحتمل أن يكون ثقة، وعلى الاحتمال الثاني، يحتمل أن يكون حمل الرواية عن صحابي، ويحتمل أن يكون حمل عن تابعي آخر، وعلى الثاني فيعود الاحتمال السابق، ويتعدد إما بالتجويز العقلي فإلى ما لا نهاية له، وإما بالاستقراء فإلى ستة أو سبعة، وهو أكثر ما وُجِدَ من رواية بعض التابعين عن بعض (2) .
روى الذهبي في "معجم شيوخه" من طريق الإمام أحمد (3) قال حَدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة عن منصور عن هلال بن يساف عن الربيع ابن خثيم عن عمرو بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الأنصار عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فإنه من قرأ قل هو الله أحد في ليلة فقد قرأ ثلث القرآن.
ثم قال الذهبي: “هذا حديث صالح الإسناد من الأفراد، ولا نعلم حديثاً بين أحمد بن حنبل وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه تسعة أنفس سواه، وهو مما اجتمع في سنده ستة تابعيون يروي بعضهم عن بعض.
__________
(1) متفق عليه، بلوغ المرام مع السبل (2/59) .
(2) نزهة النظر (ص110) .
(3) مسند أحمد (5/ 419) .

الصفحة 40