كتاب علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية

شيخ ثقة أو غير ثقة، فما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به ويرد ما شذ به غيره” (1) .
وعرفه الإمام الشافعي بقوله: “ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يرويه غيره هذا ليس بشاذ إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف فيه الناس هذا الشاذ من الحديث. ذكره الحاكم بإسناده عنه بعد تعريفه” (2) .
وهذا التعريف الأخير هو الذي اختاره العلماء قديماً وحديثاً وكان العمل في رد ما خالف فيه الثقة لا ما انفرد به غير مخالف.
قال ابن الصلاح: “قلت: أمَّا ما حكم الشافعي عليه بالشذوذ فلا إشكال في أنه شاذٌّ غير مقبول، وأما ما حكيناه عن غيره فَيُشْكل بما يتفرد به العدل الحافظ الضابط كحديث: "إنما الأعمال بالنيات" فإنه حديث فرد تفرد به عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تفرد به عن عمر علقمة بن وقاص، ثم عن علقمة محمد بن إبراهيم، ثم عنه يحيى بن سعيد على ما هو الصحيح عند أهل الحديث.
وأوضح من ذلك في ذلك: حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر”أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته” تفرد به عبد الله بن دينار.
وحديث مالك عن الزهري عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه مغفر" تفرد به مالك عن الزهري، فكل هذه مخرجة في الصحيحين مع أنه ليس له إلا إسناد واحد تفرد به ثقة.
__________
(1) الإرشاد للخليلي (1/ 176) .
(2) معرفة علوم الحديث (ص 119) ،ونحوه في علوم الحديث لابن الصلاح (ص 68) .

الصفحة 42