كتاب علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية

وفي غرائب الصحيح أشباه لذلك غير قليلة، وقد قال مسلم بن الحجاج:
للزهري نحوٌ من تسعين حرفاً يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيها أحد بأسانيد جياد. والله أعلم.
فهذا الذي ذكرنا وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي أتى به الخليلي والحاكم بل الأمر على تفصيل نبيّنه" (1) .
فالذي اصطلح عليه العلماء هو قول الشافعي - رحمه الله- في تعريف الشاذ وهو: ما رواه الثقة مخالفاً لمن هو أرجح منه. قال ابن حجر: "فإن خولف أي الراوي بأرجح منه، لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالراجح يقال له: المحفوظ، ومقابله -وهو المرجوح- يقال له: الشاذ" (2) .
والشذوذ يدخل في العلة الخفية لأنه قد لا يظهر لعامة الناس إلا بعد جمع طرق الحديث والنظر في اختلاف الرواة والاختلاف عليهم من الرواة عنهم.
قال الخطيب البغدادي: "السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم من الإتقان والضبط" (3) .
وقال علي بن المديني –رحمه الله-: "الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبيَّن خطؤه" (4) .
__________
(1) علوم الحديث لا بن الصلاح (ص69- 70) .
(2) نزهة النظر (ص97) .
(3) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 295) .
(4) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 212) .

الصفحة 43