كتاب علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية

وقال عبد الله بن المبارك: "إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض" (1) .
وقال ابن معين: "لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهاً ما عقلناه".
وقال أحمد بن حنبل: "الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضاً" (2) .
ولا شك أن جمع الطرق المختلفة وموازنة بعضها ببعض، ثم النظر في النقلة واختلافهم ثم وزن هؤلاء بميزان الترجيح كل هذا من مهمة المحدث الجهبذ لا يستطيع أن يقوم به عامة المحدثين ولذلك نجد أفذاذاً وأفرادًا معدودين قد دخلوا في هذا المضمار وسدد الله أقوالهم ووفقهم لتقعيد قواعد في معرفة الصحيح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على قواعد فطرية تقبلها العقول السليمة.
كما نجد أن هذا العلم وهو معرفة الخطأ من الصواب في روايات الراوي يحتاج إلى سبر روايات الراوي الواحد، بحيث يقدر الإمام المحدث أن يقول: روى حديثين أو ثلاثة أو عشرة.
ثم عرض روايته على روايات غيره ممن هم أصوب منه، حفظاً ونقلاً ومعرفة موافقة بعضهم لبعض أو مخالفتهم، أعظم وسيلة لمعرفة الخطأ من الصواب.
قال ابن حبان: "سمعت محمد بن إبراهيم بن أبي شيخ الملطي يقول: جاء يحيى بن معين إلى عفان ليسمع منه كتاب حماد بن سلمة فقال: ما سمعتها من
__________
(1) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 296) .
(2) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 212) .

الصفحة 44