كتاب علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية

وقد روى كثير من الناس الحديث بمعنى فهموه منه فغيّروا المعنى، مثل ما اختصر بعضهم حديث عائشة في حيضها في الحج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها – وكانت حائضاً -:“انقضي شعر رأسك وامتشطي”، وأدخله في أبواب غسل الحيض (1) .
وقد أنكر أحمد ذلك على من فعله، لأنه يُخل بالمعنى، فإن هذا لم تؤمر به في الغسل من الحيض عند انقطاعه بل في غسل الحائض إذا أرادت الإحرام وهي حائض.
وروى بعضهم حديث: كنا نؤديه على عهد رسول النبي صلى الله عليه وسلم – يريد زكاة الفطر – فصحّف "نؤديه"، فقال: "نورّثه"، ثم فسّره من عنده فقال: يعني: الجدّ، كل هذا تصرف سيئ لا يجوز مثله (2) .
ومن هذا النوع من التعليل: مخالفة الراوي مرويه.
فالأصل فيه أن العبرة بما روى لا بما رأى، لأنه قد ينسى مرويَّه فيخالفه، فيكون من باب من حدث ونسي.
ولكن قد تدل القرائن فتكون مخالفته علة في تصحيح حديثه، قال ابن رجب:
في تضعيف حديث الراوي إذا روى ما يخالف رأيه، وقد ضعف الإمام أحمد وأكثر الحفاظ أحاديث كثيرة بمثل هذا، فمنها: أحاديث أبي هريرة في
__________
(1) نعم، أخرجه البخاري في أبواب الحيض، باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض، وباب نقض المرأة شعرها عند غسل الحيض.
(2) شرح علل الترمذي (1/147/149) .

الصفحة 79