كتاب علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية

المسح على الخفين ضعفها أحمد ومسلم وغير واحد، وقالوا: أبو هريرة ينكر المسح على الخفين فلا يصح له فيه رواية.
ومنها أحاديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين أيضاً أنكرها أحمد، وقال ابن عُمر أنكر على سعيد المسح على الخفين، فكيف يكون عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه رواية.
ومنها حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمستحاضة: "دعي الصلاة أيام أقرائك".
قال أحمد: كل من روى هذا عن عائشة فقد أخطأ، لأن عائشة تقول: "الأقراء: الأطهار لا الحيض".
وذكر ابن رجب أمثلة أخرى (1) .
والذي يقال: إن مخالفة الراوي لروايته تكون علة إذا دلت قرائن تظهر أنه نسي ولم يتذكر روايته، أو لم يكن حمل الرواية على محامل أخرى غير الظاهر والله أعلم.
هذا وقد مرت الإشارة إلى أن العلة هي سبب خفي قادح في صحة الحديث، ولكن قد يسمي علة كل سبب مضعف للحديث ظاهراً كان أم خفياً، وهذا أمر شائع عند أهل الحديث.
وإظهار العلل الخفية له دور بارز في حفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمعها ومنعها، فبهذا العمل الجليل تصان السنة من أن يُدخل فيها أحدٌ ما ليس منها، سهواً أو عمداً.
__________
(1) ينظر شرح علل ابن رجب (2/796-801) .

الصفحة 80