كتاب علم التخريج ودوره في حفظ السنة النبوية - محمد محمود بكار

نشأة علم التخريج وأطواره:
عرفت أنه منذ زمن بعيد لم يكن المسلمون بحاجة ماسة إلى علم التخريج، وذلك لصلتهم الوثيقة بمصادر السنة الأصلية. ومرت عصور إلى أن ألف جماعة من العلماء كتباً وذكروا فيها نصوصاً من الأحاديث دون عزوها إلى مخرجيها أو بيان درجتها، وذلك لم يكن جهلاً منهم بذلك، بل لعلمهم أن الناس في عصورهم يعرفون ذلك، أو أنهم قصدوا ذلك عمداً حتى يحثوا الناس على طلب الأحاديث من مصادرها الأصلية، فيعرفوا أسانيدها، واختلاف ألفاظها.
قال العراقي: "عادة المتقدمين السكوت عما أوردوا من الأحاديث في تصانيفهم وعدم بيان من خرجه وبيان الصحيح من الضعيف إلا نادراً وإن كانوا من أئمة الحديث حتى جاء النووي فبيَّن" (1) .
ومراد العراقي أن أول من عزا الأحاديث، وتكلم على مخارجها وبيان درجتها، هو النووي.
ولست مع العراقي في ذلك فإن هناك علماء سبقوا النووي في ذلك، أذكر منهم الخطيب البغدادي فقد عكف على تخريج أحاديث بعض الكتب، منها: تخريج الفوائد المنتخبة، والصحاح والغرائب لكل من: الشريف أبي القاسم الحسيني وأبي القاسم المهرواني.
__________
(1) " فيض القدير "، 1 / 21.

الصفحة 9