كتاب علم التخريج ودوره في خدمة السنة النبوية - عبد الغفور البوشلي
قلت: الصحيح أنّ النووي سُبق في هذا المجال بمن ذكرنا في القرن الرابع والخامس.
ومن هذا نعرف أيضاً أن ما ذهب إليه الدكتور محمود الطحّان في كتابه أصول (1) التخريج بقوله: ((وكان من أوائل تلك الكتب (2) –فيما أعلم– الكتب التي خرّج الخطيب البغدادي (ت463هـ) أحاديثها وأشهرها ((تخريج الفوائد المنتخبة)) و ((الصحاح والغرائب)) … إلى آخر ما ذكره.
فغير مسلّم له؛ لأن كتبه -أي الخطيب- المخرجة ومنها كتابا «تخريج الفوائد المنتخبة» و «الصحاح والغرائب» لأبي القاسم الحسيني ليسا من كتب التخريج بالمعنى الذي قصده هو، وإنّما التخريج هنا بمعنى الانتخاب والانتقاء (3) .
وحتى التخريج بالمعنى المذكور: أي الانتقاء، ليس الخطيب هو أوّل من صنف فيه، بل سبقه الإمام الدارقطني أبو الحسن علي بن عمر (ت385هـ) ، حيث صنف في تخريج الأفراد والغرائب الحسان، فخرَّج حديث أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي النيسابوري عن شيوخه.
__________
(1) ص 16.
(2) أي «الكتب التي خرجت أحاديث بعض الكتب المصنفة في غير الحديث وعزت الأحاديث إلى مصادرها الأصلية وذكرت طرقها وتكلموا على بعضها أو كلها بالتصحيح والتضعيف … فظهر ما يسمى بكتب التخريج وكان من أوائل تلك الكتب …»
(3) وقد نبّه على ذلك د. بكر أبو زيد في التأصيل/ 90 تعليق 71، ود. علي بقاعي في تخريج الحديث الشريف/ 25-26، ود. عبد الغني أحمد مزهر في تخريج الحديث النبوي/ 24 ص 16.