كتاب كتاب جمل الغرائب للنيسابوري وأهميته في علم غريب الحديث

كلامه هنا بلفظة "قيل" للتضعيف، فإنه لم يشر البتة إلى قول آخر يرجحه في هذه المسألة، وإنما كان سبيله سبيل من يجد بين يديه قولين أو أكثر، فيختار منهما ما يستحسنه ويميل إليه، وإن كان لا يملك حجة قاطعة عليه.
وبالجملة فهما قولان مأثوران في هذه المسألة أشهرهما ما اختاره ابن الأثير "ويكاد الإجماع ينعقد عليه" كما يقول الدكتور محمود الطناحي (1) .
ولكن الدكتور حسين نصار ذهب إلى رأي ثالث وهو أن أول كتاب في هذا الفن ألَّفه أبو عدنان السلمي، ونسب ذلك إلى صاحب ((الفهرست)) ، فقال: "عزا أكثر الباحثين الكتاب الأول في غريب الحديث إلى أبي عبيدة معمر بن المثنى (210هـ) تبعاً لابن الأثير. ولكن هذا القول يجب ألا يؤخذ قضية مسلمة، فقد نسب ابن النديم الكتاب الأول من هذا النوع إلى أبي عدنان عبد الرحمن بن عبد الأعلى". ثم نقل ما جاء في الفهرست: "وله… كتاب غريب الحديث، وترجمته (ما جاء من الحديث المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم مفسراً) ، وعلى إثره ما فسر العلماء من السلف" (2) .
وأيد ما فهمه من كلام ابن النديم بأن أبا عدنان "راوية لأبي البيداء الرياحي، وهو معاصر ليونس بن حبيب، أستاذ أبي عبيدة، فأبو عدنان إذن وأبو عبيدة متعاصران، ومن المحتمل أن يسبق أحدهما الآخر في التأليف في غريب الحديث، ولكن إذا كان لنا أن نعتمد على مؤرخ، فالأجدر بالترجيح ابن النديم؛ لأنه أقدمهم وأقربهم إلى عصر هؤلاء المؤرَّخ لهم، فنقدم بذلك أبا عدنان على أبي عبيدة".
__________
(1) في اللغة والأدب 1: 397.
(2) الفهرست: 51.

الصفحة 8