كتاب منهج ابن الأثير الجزري في مصنفه النهاية في غريب الحديث والأثر

وَفْقَ حروف المعجم، وهو أول كتاب وصَلنا ينحو فيه مؤلفُه هذا المَنْحى. وقد سَبَقَه إلى ذلك شَمِر بن حمدويه المتوفى سنة 255هـ، في كتابه"الجيم"الذي قال فيه ياقوت (1) : "رتَّبَه على حروف المعجم، ابتدأ فيه بحرف الجيم، لم يسبقه إلى مثله أحدٌ تقدَّمه، وأودعَه تفسير القرآن وغريب الحديث".
يقول الهَرَوِيّ (2) في مقدمته: "ونعمل لكل حرف باباً، ونفتح كل باب بالحرف الذي يكون أوله الهمزة ثمَّ الباء ثمَّ التاء إلى آخر الحروف"، ويقول (3) : "وكنت أرجو أن يكون سَبَقَني إلى جَمْعها، وضمِّ كلِّ شيءٍ إلى لِفْقِهِ (4) منها، على ترتيب حسن واختصار كاف، سابقٌ، فكفاني مؤونة الدَّأَب وصعوبة الطلب، فلم أجد أحداً عمل ذلك إلى غايتنا هذه".
أمَّا كتابُ الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني الأصفهاني (5) المتوفى سنة 581هـ، فهو"المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث"، وكان ثانيَ مصدَرَيْن من مصادر ابن الأثير في"النهاية"بعد كتاب"الغريبين"المتقدم. قال ابن الأثير في مقدمته (6) : "كان أبو موسى إماماً في عصره، حافظاً متقناً تُشَدُّ إليه الرِّحالُ، وتُناط به من الطلبةِ الآمالُ، ولمَّا وقفتُ على كتابه وجدتُه في غاية الحسن والكمال".
__________
(1) معجم الأدباء: 3 / 1420.
(2) مقدمة الغريبين: 1/ 6.
(3) مقدمة الغريبين: 1 / 6.
(4) الِّلفْق: شقة من شِقتي المُلاءة.
(5) انظر في ترجمته: تذكرة الحفاظ: 4 / 1334، طبقات الشافعية للسبكي: 6/ 160.
(6) النهاية: 1/ 9.

الصفحة 12