كتاب منهج ابن الأثير الجزري في مصنفه النهاية في غريب الحديث والأثر

وقد استحسن أبو موسى كتابَ الهرويِّ المتقدم، بيدَ أنَّه (1) وجد كلماتٍ كثيرة شذَّت عن كتابه"إذ لايُحاط بجميع ما تُكُلِّم به من غريب الكَلِم، فلم أزلْ أتتبَّع ما فاته، وأكتب ما غفل عنه". وذكر في مقدمته أنَّ شرطه في كتابه: الاختصار، إلا إذا اختلَّّ الكلام دونه، وتَرْكُ الاستشهاد بالشواهد الكثيرة إلا إذا لم يُسْتَغْن عنها. واختار أبو موسى منهج الترتيب الهجائي وَفْقَ الحرف الأول، وهو المنهج الذي استقرت عليه المصنفات التالية للهروي.
ويُعَدُّ كتابُ"الفائق في غريب الحديث"لـ جار الله محمود بن عمر الزمخشري (2) المتوفى سنة 538هـ، من المصنفات المهمة في منهج الترتيب الهجائي وَفْق الحرف الأول، غير أنَّه كان يُورد نص الحديث كاملاً، ولا يوزِّعه وَفْقَ حروف كلمات ألفاظه، ومن هنا كان البحث عن الغريب المنشود يَعْتَوره بعضُ العُسْر. وقد لحظ ابنُ الأثير (3) في مقدمة نهايته ذلك فقال: "ولكنْ في العثور على طلب الحديث منه كُلْفَةٌ ومشقة....... فيجيء شرحُ كل كلمة غريبةٍ يشتمل عليها ذلك الحديث في حرفٍ واحدٍ من حروف المعجم، فترِدُ الكلمةُ في غيرِ حرفها، وإذا تطلَّبها الإنسانُ تَعِبَ حتى يجدَها".
وتتوالى بعد ذلك المصنفاتُ مختارةً منهج الترتيب الهجائي وَفْقَ الحرف الأول. ويُعَدُّ كتابُ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجَوْزي (4) المتوفى سنة
__________
(1) المجموع المغيث: 1 / 3.
(2) انظر في ترجمته: سير أعلام النبلاء: 20 / 151، البغية: 2 / 279.
(3) النهاية: 1/ 9.
(4) انظر في ترجمته: وفيات الأعيان: 3 / 140، سير أعلام النبلاء: 21 / 365.

الصفحة 13