كتاب منهج ابن الأثير الجزري في مصنفه النهاية في غريب الحديث والأثر

مقدمة في معنى الغريب وأسباب نشأته:
إذا تتبعنا نصوص اللغويين نلتمس معاني مادة (غَرَبَ) واستعمالاتها (1) فإننا نجد"الغَرْبَ"هو الذّهاب والتنحِّي عن الناس. وقد غَرَب عنَّا يَغْرُب غَرْباً، وغَرَّب، وأغْرَب، وغرَّبه وأغربه إذا نحّاه. والغَرْبة والغَرْب: النوى والبعد، والخبر المُغْرِب: الذي جاء غريباً حادثاً طريفاً.
وقيل: "العلماء غرباء"لقلتهم فيما بين الجُهَّال.
والغريب هو البعيد عن وطنه، وسُمِّي الغُرابُ غراباً لكونه مُبعِداً في الذهاب، والغريب من الكلام: الغامضُ. وأغرب الرجل إذا جاء بشيء غريب. والشعرة الغريبة حَدَث في الرأس لم يكنْ من قبلُ، وأتى في كلامه بالغريب إذا كان بعيداً عن الفهم. وغاية مُغْرِبة: بعيدة الشَّأْو، والغَرْب: شجر لا يثمر لتباعده من الثمرات. وأغرب الرجل في مَنطِقِه: إذا لم يُبْقِ شيئاً إلا تكلَّم به، وشَأْْوٌ مُغَرِّب ومُغَرَّب: بعيد، وغَرُبَتِ الكلمةُ: غَمُضَتْ، وتكلَّم فَأَغْرَبَ: جاء بغريب الكلام ونوادره.
والغَرْبُ هو التمادي واللَّجاجةُ في الشيء. وكُفَّ من غَرْبِك أي: من حِدَّتِك. واستغرب الرجل: إذا لَجَّ في الضَّحِكِ، والتغريب: الإمعان. وفي لسانه غَرْب أي: حِدَّة.
__________
(1) انظر: العين / 709، تهذيب اللغة: 8/ 112، جمهرة اللغة: 1/268، الصحاح (غرب) 1/191، المفردات: 604، اللسان (غرب) 1/637، التاج: (غرب) 3/ 456، الوسيط (غرب) 653.

الصفحة 3