كتاب منهج ابن الأثير الجزري في مصنفه النهاية في غريب الحديث والأثر

ج - أوجه عناية"ابن الأثير"بالغريب:
أسهمت كتب غريب الحديث بنصيبٍ وافرٍ في بناء المعجم اللغوي العربي؛ لِما قَدَّمَتْه من تأصيلٍ واسعٍ لمفردات العربية، من حيث استعمالاتُها وشواهدُها، وجذورُها اللغوية، ولغاتُها وضبطُ حروفها، والتمييزُ بين الفصيح وغير الفصيح منها، وما طرأ عليها من انتقالها من المعنى المحسوس المحدود إلى المعنى الحضاري الواسع.
وكتاب"النهاية في غريب الحديث والأثر"من المراجع اللغوية التي كان لها أثر في مَدِّ المعاجم العربية بمادتها الغزيرة، ويكفي أن نعلم أنَّ معجم"لسان العرب"لابن منظور قد أقام كتابه على أُمَّاتٍ من المصنفات اللغوية كان منها"نهاية"ابن الأثير. يقول في مقدمته (1) : "فرأيت أبا السعادات المبارك بن محمد بن الأثير الجَزَري، قد جاء في ذلك بالنهاية، وجاوز في الجودة حدَّ الغاية"، ثم يقول: "وليس لي في هذا الكتاب -يعني اللسان- فضيلةٌ أَمُتُّ بها، ولا وسيلةٌ أتمسَّك بسببها، سوى أني جمعتُ فيه ما تفرَّق في تلك الكتب من العلوم".
لقد خدم ابن الأثير في معجمه: "النهاية"غريبَ الحديث خدمة وافية جعلَتْه يستوعب تراثاً غنياً سبقه، فتمثَّله وأضاف إليه نظرات نقدية فاحصة. ويمكن أن نقسم هذه الخدمة إلى جانبين:
1 ـ جانب التأصيل اللغوي للغريب.
2 ـ جانب البيان المعنوي للغريب.
__________
(1) اللسان: 1 / 18.

الصفحة 42